السؤال

متى كُتب سفر راعوث؟

الجواب
تدور أحداث سفر راعوث في زمن القضاة، وهي فترة تميزت بانحطاط روحي وفساد أخلاقي واسع. ومع ذلك، وسط هذا الظلام، يبرز راعوث وبوعز، الشخصيتان الرئيسيتان في السفر، كنورٍ ساطع بأمانتهما لله ولأحدهما الآخر. ورغم أن السفر مجهول المؤلف، فإن التقليد ينسب كتابته إلى صموئيل، وهو ما تؤيده دلائل كتابية ضمنية. وعلى الأرجح، كتب صموئيل السفر في بدايات مُلك داود، الذي بدأ عام 1011 قبل الميلاد، مما يجعل زمن كتابة السفر بين 1030 و1010 قبل الميلاد، أي قبل أو عند بداية حكم داود.

يكشف السياق التاريخي للسفر عن زمن تأليفه. فالآية الافتتاحية تحدد وقت وأحداث القصة: «وحدث في أيام حكم القضاة أنه صار جوع في الأرض، فذهب رجل من بيت لحم يهوذا ليتغرب في بلاد موآب هو وامرأته وابناه» (راعوث 1:1). بدأت فترة القضاة بعد وفاة يشوع حوالي 1376 ق.م، وانتهت مع إقامة شاول ملكًا على إسرائيل حوالي 1052 ق.م. وبذلك يُرجَّح أن كتابة السفر حدثت بعد فترة القضاة مباشرة، وكان أحد أهدافه دعم شرعية مُلك داود.

وتؤكد سلسلة الأنساب في ختام السفر أن أحداثه وقعت قرب نهاية فترة القضاة، إذ تربط القصة بداود من خلال كشف أن بوعز وراعوث هما الجد والجدة الكبرى لداود: «وسلمون ولد بوعز، وبوعز ولد عوبيد، وعوبيد ولد يسى، ويسى ولد داود» (راعوث 4: 21–22). وبذلك، كان يسى والد داود، وعوبيد جده، وبوعز جدّه الأكبر.

وبشكل عام، إذا كانت المسافة بين كل جيل والآخر 20 إلى 40 عامًا، فإن بوعز عاش قبل داود بـ 60 إلى 120 عامًا، كونه الجد الأكبر. وهذا يتوافق مع ما جاء في 2 صموئيل 5: 4 عن عمر داود عند توليه الحكم: «كان داود ابن ثلاثين سنة حين ملك، وملك أربعين سنة». فإذا بدأ داود الحكم سنة 1010 ق.م وهو في الثلاثين، يكون قد وُلد حوالي 1040 ق.م. ووفق هذا الحساب، إذا كان بوعز أكبر من داود بـ 60 إلى 120 عامًا، يكون قد وُلد بين 1160 و1100 ق.م، والأرجح أن ولادته كانت أقرب إلى 1160 ق.م، خاصة وأن القصة تلمح مرتين إلى أن بوعز كان من جيل أكبر من راعوث (راعوث 2: 8؛ 3: 10).

وإذا كان صموئيل هو مؤلف السفر، فمن المرجح أنه كتبه بعد مسحه لداود ملكًا، مما يضيّق الإطار الزمني للتأليف، مع دعم هذه الفرضية بحقيقة أن صموئيل كان لا يزال حيًّا عند بدء مُلك داود (1 صموئيل 16: 6–13؛ 25: 1).

وبناءً على هذه المعطيات، يُحتمل بقوة أن الله استخدم صموئيل لكتابة سفر راعوث في بدايات مُلك داود. إن فهم نسب داود منح جيله تأكيدًا على شرعية نسبه الإسرائيلي ونقائه. وعلى نطاق أوسع، فإن علاقة بوعز وراعوث تضمن لكل جيل أن نور بقية الله القدوسة لا ينطفئ حتى في أزمنة الفساد الروحي والأخلاقي.

© Copyright Got Questions Ministries