السؤال

ما هو الغرض من مقاطع التحذير في الكتاب المقدس؟

الجواب
يحتوي العهد الجديد على عدة مقاطع تحذيرية. بعضها يوضح بجلاء خطر التعاليم والمعلمين الكذبة، وبعضها الآخر ينبه المؤمنين إلى واقع التجارب أو يحذر من أحداث الأيام الأخيرة. وهناك أيضًا عدة مقاطع تحذر المسيحيين بشأن سلوكهم، ويبدو أن بعضها يوحي بفقدان الخلاص للعاصين. فكيف يمكن فهم هذه المقاطع في ضوء عقيدة الضمان الأبدي للخلاص؟

بعض مقاطع التحذير في العهد الجديد موجهة إلى أولئك الذين ينتمون إلى الكنيسة الظاهرة ولكنهم لا يعرفون المسيح حقًا. مثل هذه التحذيرات نجدها في رسالة العبرانيين، حيث يوجه الكاتب بعض تصريحاته إلى من يكتفون بالاعتراف الظاهري دون أن يكونوا مخلَّصين فعلاً (انظر عبرانيين 6: 4–6 وعبرانيين 10: 26). فهؤلاء المخاطَبون هم غير المؤمنين المرتبطين بالكنيسة، الذين تعرضوا لحق الله الفدائي - وربما قدموا اعترافًا بالإيمان - لكنهم لم يمارسوا إيمانًا حقيقيًا للخلاص. وإذا استمروا في رفض المسيح، فسيهلكون إلى الأبد.

هناك مقاطع تحذير أخرى تعلِّم (ضمنيًا) عقيدة ثبات القديسين؛ أي أن المولودين ولادة جديدة حقًا لن ينكروا الإنجيل ولن يتركوا المسيح. 1 كورنثوس 15: 1–2 هو أحد هذه المقاطع: «أذكِّركم أيها الإخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به، وقبلتموه، وتقومون فيه، وبه أيضًا تخلصون، إن كنتم تذكرون أي كلام بشرتكم به، إلا إذا كنتم قد آمنتم عبثًا». إن عبارة بولس «إن كنتم تذكرون» هي ببساطة طريقته في القول إن كل من آمن حقًا بالمسيح سيثبت إلى النهاية. أما الذين هم مجرد معترفين شكليًا بالإيمان، أي مسيحيين بالاسم فقط، فسوف يبتعدون في النهاية عن الإنجيل بفعل هجمات العالم غير المؤمن (انظر 1 تيموثاوس 1: 19–20).

يمكن فهم عبارة بولس «إلا إذا كنتم قد آمنتم عبثًا» (1 كورنثوس 15: 2) بطريقتين: الأولى، أن بولس يتحدث بلغة افتراضية عن حقيقة الإنجيل؛ فالرسالة التي بشرهم بها ستخلصهم - ما لم تكن الرسالة باطلة. وقد أوضحت الترجمة الحية الجديدة هذا المعنى بقولها: «إلا إذا كنتم قد آمنتم بشيء لم يكن صحيحًا في الأصل». وفي بقية الإصحاح، يؤكد بولس على حقيقة القيامة ومصداقية رسالته. أما التفسير الثاني، فهو أن بولس يقارن بين الإيمان الحقيقي الذي يؤدي إلى الخلاص وبين مجرد الاقتناع العقلي أو الانفعال العاطفي، وكلاهما لا يخلص النفس. وفي هذا السياق، يحذر بولس المسيحيين المعلنين لإيمانهم من أن يكونوا مثل الأرض المحجرة أو الأرض المليئة بالأشواك في مثل الزارع (انظر متى 13: 1–23).

وقد وجَّه يسوع تحذيرًا إلى المعترفين الكذبة في متى 7: 21–23: «ليس كل من يقول لي: يا رب، يا رب، يدخل ملكوت السماوات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: يا رب، يا رب، أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟ فحينئذ أصرح لهم: إني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم». حتى كثير من المتدينين الذين يدّعون خدمة الله لا يعرفون الرب حقًا. إن أمر الخلاص في غاية الأهمية، وكثير من المقاطع التحذيرية في العهد الجديد تهدف إلى دفع المؤمنين المعلنين لإيمانهم إلى فحص أنفسهم للتأكد من أنهم وضعوا ثقتهم الحقيقية في المسيح (انظر 2 كورنثوس 13: 5).

وهناك أيضًا مقاطع أخرى في العهد الجديد تحذر المؤمنين من خطايا متنوعة. هذه التحذيرات لا تتعلق بالخلاص، بل بعمل الله في تقديس حياة المؤمنين. فقد تحرر المؤمنون من عبودية الخطية، ويُحذَّرون من التخلي عن هذه الحرية (غلاطية 5: 1؛ فيلبي 2: 12–13). ويحتوي سفر الرؤيا على عدة تحذيرات تتعلق بالسلوك الخاطئ في الكنائس السبع، حيث كان يجب معالجة خطايا المساومة اللاهوتية، والانحلال الأخلاقي، واللامبالاة، والكبرياء.

ويعلِّم الكتاب المقدس أننا يمكن أن نكون واثقين من خلاصنا: «كتبت هذا إليكم أنتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية» (1 يوحنا 5: 13). ويسوع هو «رئيس الإيمان ومكمله» (عبرانيين 12: 2)، والله سيكمل العمل الذي بدأه فينا (فيلبي 1: 6). المؤمنون مدعوون للعيش في القداسة، والمسيحيون المزيّفون مدعوون للتوبة والإيمان بالمسيح لنوال الخلاص. إن حاجة المؤمنين لترك الخطية، وحاجة المزيّفين لوقف التظاهر، هما ما يجعل مقاطع التحذير في الكتاب المقدس ضرورية.

© Copyright Got Questions Ministries