السؤال

كيف يمكنني التغلب على الفتور الروحي؟

الجواب
يمكن أن يصيب الفتور أو البرود أو اللامبالاة الروحية حتى أكثر المؤمنين إخلاصًا في وقتٍ من الأوقات. فبما أن المشاعر البشرية متقلّبة، فقد تستبدل مشاعر الفتور أو عدم الاهتمام أحيانًا الحماسة التي كنا نشعر بها من قبل تجاه أمور الله. ولكن التغلب على هذا الفتور أمر ضروري للاستمرار في السير مع الله.

وأول ما يجب على من يشعر بالفتور الروحي فعله هو أن يتأكد من أنه مؤمن حقيقي بيسوع المسيح (انظر 1 يوحنا 5: 13؛ رومية 8: 16). وإذا كان واثقًا من إيمانه الحقيقي بالمسيح، فعليه أن يسأل نفسه هذا السؤال: “ما الذي جعلني أفقد محبتي وشغفي للرب؟”

إحدى أسباب الفتور الروحي هي الخطية في حياة المؤمن. فعندما أخطأ داود، شعر بأنه منفصل عن الله (مزمور 51: 11). وعندما اعترف بخطيته أمام الله، صلّى طالبًا: “قلبًا نقيًا اخلق فيّ يا الله، وروحًا مستقيمًا جدّد في داخلي” (الآية 10)، كما قال: “ردّ لي بهجة خلاصك، وبروح منتدبة عضدني” (الآية 12). فالمؤمن الذي يشعر بالفتور الروحي ينبغي أن يعترف بأي خطية يعلم بها، وأن يطلب من الله التنقية والتجديد.

وسبب آخر للفتور الروحي هو السماح للشكليات الجامدة أن تحلّ محلّ المحبة الحقيقية للرب. فالمسيحي يجب أن يُعرف بمحبته وطاعته للمسيح (يوحنا 14: 21)، ولكن من الممكن أن يطيع دون أن يحب. ومن الممكن أن يتمسّك بالحق ويخدم الله، ولكن بطريقة جافة خالية من الحياة. مثل هذه الخدمة الميكانيكية لا تُرضي الله. وهذا ما وبّخ به الرب كنيسة أفسس في رؤيا 2: 4: “لكن عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى.” فعندما كتب بولس إلى الكنيسة نفسها حوالي سنة 60 م، مدحهم على محبتهم (أفسس 1: 15–16)، لكن بعد نحو ثلاثين عامًا، كانوا قد تركوا محبتهم الأولى. خمد شغفهم. لماذا؟ ربما لأنهم بدأوا يعتبرون ما لهم في المسيح أمرًا بديهيًا. لم يعد العيش للمسيح مغامرة يومية، بل أصبح “مملًّا”، وفقدوا رؤيتهم لهدفهم الأبدي. كانوا يعرفون تعاليم المسيح، لكنهم لم يعيشوا بقوته، وبهذا فقدوا محبتهم النابضة وشغفهم بالمسيح.

إذن، ما هو الحل لتحويل الفتور الروحي إلى محبة متجددة وشغف جديد بيسوع المسيح؟ كانت كلمة الرب إلى الكنيسة الفاترة في أفسس هي: “اذكر من أين سقطت، وتب، واعمل الأعمال الأولى” (رؤيا 2: 5). فالشخص الفاتر روحيًا يحتاج إلى أن يتذكّر، ويتوب، ويتجدّد.

أولًا، عليه أن يتذكّر؛ أي أن يسترجع إلى ذهنه الوقت الذي شعر فيه بحرارة حضور المسيح وقربه. عليه أن يدرك أنه يمكنه العودة إلى تلك الشركة مرة أخرى. ثم عليه أن يتوب؛ أي أن يرى فتوره الروحي كخطيّة ويعترف بها أمام الله (1 يوحنا 1: 9). وأخيرًا، عليه أن يتجدّد؛ أي أن يجدد التزامه بالرب - لا بمجرد خدمته، بل بمعرفته وتسبيحه والتمتع بالشركة معه. عليه أن يستأنف قراءة الكتاب المقدس اليومية والصلاة إن كان قد توقف عنها، وأن يسمح للروح القدس الساكن فيه أن يمنحه القوة لتظهر ثمار الروح في حياته (غلاطية 5: 22–23). كما ينبغي أن يواظب على الشركة في كنيسة محلية تؤمن بالكتاب المقدس (عبرانيين 10: 25).

يحبّ الشيطان الفتور الروحي. لذا يجب أن نبقى يقظين تجاه تجارب الطبيعة القديمة والعالم والشرير. يجب ألا نفقد الإحساس بأن الله معنا وفي داخلنا. “ولكن لنا هذا الكنز في أوانٍ خزفية، ليكون فضل القوة لله لا منّا” (2 كورنثوس 4: 7). وعندما نبدأ بتسبيح الرب وعبادته، وندع المسيح يملك على حياتنا كل يوم، سنكتشف من جديد حياة المغامرة المملوءة فرحًا وغاية أبدية، وسنتعجب كيف أصابنا الفتور الروحي أصلًا.