السؤال

ما هو ميراثنا في المسيح؟

الجواب
يمتلئ الكتاب المقدس بالإشارات إلى الميراث الذي للمؤمنين في المسيح. يقول أفسس 1 :11: «الَّذِي فِيهِ أَيْضًا نِلْنَا نَصِيبًا، مُعَيَّنِينَ سَابِقًا حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشُورَتِهِ». وتشير مقاطع أخرى إلى ميراث المؤمنين مثل كولوسي 3: 24 وعبرانيين 9: 15. إن ميراثنا هو، بكلمة واحدة، السماء. وهو المجموع الكامل لكل ما وعدنا الله به في الخلاص. والكلمات ذات الصلة بالميراث في الكتاب المقدس هي “النصيب” و“الإرث”.

يصف 1 بطرس 1: 4 هذا الميراث بمزيد من التفصيل، قائلًا إننا وُلِدنا ثانية «لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَكُمْ». وبحسب الرسول بطرس، فإن ميراثنا يتميّز بأربع صفات أساسية:

أولًا: ميراثنا في المسيح غير قابل للفناء. ما لنا في المسيح لا يمكن أن يفسد أو يتلف. وعلى النقيض من ذلك، كل ما على الأرض يخضع للفساد والزوال والانهيار. فقاعدة الاضمحلال تؤثر على بيوتنا وسياراتنا وحتى أجسادنا. لكن كنزنا في السماء لا يتأثر بهذه القاعدة (متى 6: 19–20). فالذين وُلِدوا ثانية «لَيْسَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ» (1 بطرس 1: 23).

ثانيًا: ميراثنا في المسيح غير مُدَنَّس. ما لنا في المسيح نقيّ وخالٍ من أي شيء يمكن أن يشوّهه أو يفسده أو يقلّل من قيمته. فلا شيء على الأرض كامل. حتى أجمل الأشياء في هذا العالم تحتوي على عيوب، وإن دقّقنا النظر سنجد نقصًا ما. لكن المسيح كامل حقًا، فهو «قُدُّوسٌ، بِلاَ شَرٍّ، بِلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ، وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ» (عبرانيين 7: 26)، وميراثنا فيه أيضًا مقدّس وبلا عيب ونقي وممجد. لا يمكن لأي فساد أرضي أو ضعف بشري أن يمسّ ما وهبه الله لنا. يقول رؤيا 21: 27: «وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ، وَلاَ مَنْ يَصْنَعُ رِجْسًا أَوْ كَذِبًا».

ثالثًا: ميراثنا في المسيح لا يَذْبُل. ما لنا في المسيح هو امتلاك دائم لا يزول. وككائنات أرضية، من الصعب علينا تخيّل ألوان لا تبهت، أو فرح لا يخفت، أو قيمة لا تنقص؛ لكن ميراثنا ليس من هذا العالم. إن مجده الأبدي لا يتناقص. يقول الله: «هَئَنَذَا صَانِعٌ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا» (رؤيا 21: 5).

رابعًا: ميراثنا في المسيح محفوظ. ما لنا في المسيح محفوظ في السماء لأجلنا. تاج المجد الذي لك يحمل اسمك. ومع أننا ننال بركات كثيرة كأولاد الله هنا على الأرض، فإن ميراثنا الحقيقي وموطننا الأبدي محفوظ لنا في السماء. مثل إبراهيم، نحن «نَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ» (عبرانيين 11: 10). والروح القدس يضمن لنا أننا سننال الحياة الأبدية في العالم الآتي (2 كورنثوس 1: 22). فـ«فِيهِ أَيْضًا إِذْ آمَنْتُمْ، خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ، الَّذِي هُوَ عَرْبُونُ مِيرَاثِنَا» (أفسس 1: 13–14).

صلى يسوع من أجل أتباعه قائلًا: «أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ، احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ» (يوحنا 17: 11). نحن في أمان، محفوظون بقوة القدير ذاته، وميراثنا كذلك في أمان. لا أحد يستطيع أن يسلبه منّا. قال يسوع: «وَأَنَا أُعْطِيهِمْ حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ يَهْلِكُوا إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهُمْ أَحَدٌ مِنْ يَدِي. أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهُمْ هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي» (يوحنا 10: 28–29). انظر أيضًا متى 6: 20.

بصفتنا أولاد الله، «مُتَبَنَّيْنَ» في عائلته، فقد ضَمِنَ لنا الآب السماوي ميراثًا أبديًا. «فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا، فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَرَثَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ، إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نُتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ» (رومية 8: 17). إن هذا الإرث السماوي هو قصد الله ومشيئته لنا (أفسس 1: 11). ونحن ننال وعد الميراث عندما نسمع كلمة الحق ونؤمن بالمسيح (أفسس 1: 13).

وسنرث في يوم ما نصيبنا الكامل، إرثنا ومجدنا الأبدي. كتب يوحنا كالفن عن ميراثنا قائلًا:

«إننا لا نتمتع به بالكامل الآن... نسير في الرجاء، ولا نرى الشيء كأنه حاضر، بل نراه بالإيمان... ومع أن العالم يظن أنه يستطيع أن يدوسنا، وأن الرب يختبرنا بتجارب كثيرة، ويُذلّنا حتى نظن أننا كغنم للذبح، إلا أننا لسنا بلا عزاء. ولماذا؟ لأن الروح القدس يملك في قلوبنا، فلدينا ما يجعلنا نسبّح الله حتى في وسط التجارب... لذلك ينبغي لنا أن نفرح، ونحزن، ونشكر، ونصبر، وننتظر.» (من عظات كالفن على أفسس، جنيف 1558–1559).

عندما نفهم ونقدّر المجد الذي ينتظرنا، نصبح أكثر قدرة على احتمال كل ما نواجهه في هذه الحياة. يمكننا أن نمجّد الله حتى في وقت الضيق، لأن لدينا ضمانًا بأنه سيفي بكل ما وعد به: «لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الزَّمَانِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا» (2 كورنثوس 4: 17).

ويقدّم رؤيا 21: 4 وصفًا موجزًا وجميلًا لميراثنا: «وَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ». سيسكن الله والإنسان معًا، وكل شيء سيصير جديدًا. وستكون المدينة المتلألئة، أورشليم الجديدة، مقرّنا الأبدي. ونهر الحياة سيجري من عرش الله، وشجرة الحياة التي تحمل اثنتي عشرة ثمرة للشفاء ستنمو هناك أيضًا. ولن يكون هناك ليل، لأن نور الحمل الأبدي سيملأ السماء والأرض الجديدتين ويضيء على جميع ورثة الله.

كتب داود: «الرَّبُّ نَصِيبُ قِسْمِي وَكَأْسِي. أَنْتَ مُسْنِدُ قُرْعَتِي. حِبَالٌ وَقَعَتْ لِي فِي النَّعِمَاءِ، فَنَصِيبِي حَسَنٌ عِنْدِي» (مزمور 16: 5–6). ولهذا «نَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى، لأَنَّ الأَشْيَاءَ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ» (2 كورنثوس 4: 18).