السؤال

ما هو النقد الأيديولوجي؟

الجواب
النقد الأيديولوجي هو أسلوب في تحليل النصوص يركّز على الأفكار العامة أو "الصورة الكبرى" ويفحص كيف سيتفاعل الجمهور المقصود مع تلك المفاهيم. ويُعد هذا النوع من التحليل شكلاً من أشكال النقد البلاغي، الذي يهتم بشكل عام بكيفية تأثير التقنيات الأدبية أو الشفوية في تفسير الجمهور للنص.

في هذا السياق، تشير كلمة "أيديولوجيا" إلى "المفاهيم أو الأفكار"، بينما تعني "النقد" هنا "التحليل والفهم" وليس "الشكوى" أو "الاعتراض". ويُعد النقد الأيديولوجي أداة مفيدة لتحديد الغرض العام من العمل الأدبي، كما يمنح فهماً أعمق لعبارات أو مصطلحات معينة يستخدمها الكاتب.

ينطلق النقد الأيديولوجي من افتراض مفاده أن الثقافة تستجيب لبعض الأفكار - والكلمات المستخدمة في التعبير عنها - بطرق متسقة نسبيًا. قد تختلف هذه الاستجابات من ثقافة إلى أخرى، لكن داخل المجتمع الواحد، فإن غالبية الناس ستكون لديهم نفس "الاستجابة" تجاه أفكار معينة. وفهم شيء من خلفية الجمهور المقصود لنصوص الكتاب المقدس، مثلًا، يمكن أن يساعدنا في فهم سبب اختيار الكتّاب لأفكار معينة دون غيرها.

وأفضل طريقة لشرح النقد الأيديولوجي تكون من خلال الأمثلة. فلو أردنا تلخيص آمال وأحلام الثقافة الأمريكية في كلمة واحدة، فستكون الكلمة هي "الحرية". ففي الولايات المتحدة، ترتبط الحرية بكل ما هو نبيل وخيّر وجدير بالنضال. وعند الترويج لفكرة ما، غالبًا ما تُناقش بلغة الحرية؛ وعند رفض فكرة، غالبًا ما تُربط بانعدام الحرية. ومن منظور النقد الأيديولوجي، فإن الإشارات إلى "الحرية" في النصوص التي كتبها أمريكيون يمكن تفسيرها من هذا المنطلق الثقافي.

وفي الكتاب المقدس، يقابل هذا المفهوم بشكل كبير الفكرة العبرية عن "النور". بالنسبة للشعب اليهودي، كان "النور" يرمز إلى كل ما هو خيّر ومثالي وإيجابي. وللتعبير عن الرفعة، كان يُستخدم مصطلح النور، أو البهاء، أو التألق، وما إلى ذلك (مزمور 27: 1؛ أعمال 13: 47؛ ملاخي 4: 2). أما عند التقليل من شأن شيء ما، فكان يُعبَّر عنه بمصطلحات مثل الظلمة، أو الظل، أو الليل، وغيرها من الكلمات المضادة (مزمور 23: 4؛ أمثال 4: 19؛ لوقا 11: 34–36؛ رومية 1: 21). ويُعد النقد الأيديولوجي طريقة لفهم نصوص الكتاب المقدس من خلال ملاحظة وفهم هذه الأساليب.

ويُظهر بولس براعة في استخدام الأيديولوجيا الثقافية حين يجمع بين القيم الثقافية لثلاث حضارات رئيسية في 2 كورنثوس 4: 6. فكما أن "الحرية" تمثل القيمة العليا في الثقافة الأمريكية، فإن "النور" هو القيمة المثلى للعبرانيين، و"المعرفة" عند اليونانيين، و"المجد" عند الرومان. وعند حديثه عن كيفية تجاوز حقيقة الإنجيل للقيود البشرية، يذكر بولس القيم الثلاث معًا بقوله: "نُور مَعْرِفَةِ مَجْدِ ٱللّٰهِ"، والمتحققة في شخص يسوع - "فِي وَجْهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ".

النقد الأيديولوجي أداة نافعة عند تفسير الكتاب المقدس. فهو يساعد في تفسير سبب استخدام رموز أو أوصاف أو مصطلحات معينة، والطريقة التي أراد بها الكاتب أن يستجيب القارئ لها. وكما هو الحال مع أي منهج لتفسير الكتاب، يجب استخدام النقد الأيديولوجي في سياق التلمذة (متى 28: 19–20) - أي في إطار علاقة تعليمية مع مؤمنين ناضجين - حتى يؤتي ثماره بالكامل.

© Copyright Got Questions Ministries