السؤال

هل يقول الكتاب المقدس شيئًا عن الحرب المقدسة؟

الجواب
يُعبر عن مفهوم "الحرب المقدسة" عادةً على أنه حرب تُبرر بسبب اختلافات دينية. وبحسب الفهم الشائع، هذا المفهوم لم يُعلّم أو يُشجّع عليه الكتاب المقدس. لم يُعطَ الإسرائيليون القدماء تفويضًا عامًا لخوض الحرب نيابة عن إيمانهم، رغم أنهم حصلوا على تعليمات محددة بخصوص مكان وزمان ومنطقة معينة لغزوها. لقد خالف يسوع المسيح مفهوم الحرب المقدسة صراحةً من خلال تعاليمه وسلوكه. أما مفهوم "الحرب العادلة"، أي الحرب المبررة التي تشنها حكومة شرعية، فهو ليس هو نفسه "الحرب المقدسة".

يزعم بعض النقاد أحيانًا أن الكتاب المقدس يشجع على الحرب المقدسة في العهد القديم. ومع ذلك، فقد كان يُطلب من إسرائيل غزو أرض كنعان فقط (أعداد 34: 2)، وكان هذا الأمر لمكان وزمان وشعب محدد، وليس تأييدًا للحرب الدينية عمومًا. ولم يُبنى غزو كنعان على أساس الدين بحد ذاته، بل كان بسبب شر الكنعانيين، وليس بسبب استحقاق إسرائيل (تثنية 9: 4–6). تاريخيًا، هذا ما فسره شعب إسرائيل لهذه الأوامر، ولم يحاولوا غزو أراضٍ أخرى أو توسيع مناطقهم بالقوة.

يُحظر على المسيحيين استخدام العنف لنشر إيمانهم. فقد أمر المسيح تلاميذه بعدم استخدام العنف لتعزيز خدمته (متى 26: 52–54). وعاش فلسفة صانع السلام وعلّم الآخرين أن يفعلوا بالمثل (متى 5: 9–10). وعندما وُجه للاعتقال والموت، أوضح يسوع أن ملكوته ليس أرضيًا، لذلك لم يقاتل تلاميذه لحمايته (يوحنا 18: 36). ويتوقع المسيحيون الاضطهاد، لا الغزو، كما اختبر المسيح ذلك (يوحنا 15: 18–21). وكان مثال أقدم المؤمنين هو العصيان المدني (أعمال 5: 25–29) والخضوع للقوانين (رومية 13: 4–5)، وليس الثورة المسلحة أو الغزو. وفي الواقع، خلال القرون الثلاثة الأولى من وجودها، كانت المسيحية غير قانونية فعليًا، ومع ذلك انتشرت في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية.

تاريخيًا، الحروب التي يمكن وصفها بأنها "مقدسة" نادرة. ويشير المؤرخون العلمانيون إلى أن أكثر من 90% من الحروب في التاريخ البشري لم تكن لها دوافع دينية. أما الـ7% المتبقية من الصراعات فتمثل حوالي 2% فقط من إجمالي الوفيات في الحروب. ويُعزى أكثر من نصف هذه الحروب الدينية إلى الإسلام، رغم أنه موجود فقط لثلث التاريخ البشري تقريبًا، حيث كانت ثلاثة قرون الأولى من الإسلام مدفوعة بالغزو المسلح. إذا كان هناك سبب لوجود مفهوم "الحرب المقدسة"، فمن العدل القول إن السبب مرتبط بالإسلام.

ومن الجدير بالذكر أيضًا أن الأنظمة الإلحادية سببت ملايين الوفيات في المئة سنة الأخيرة فقط. تاريخيًا، لم يكن الإيمان الديني سببًا رئيسيًا للنزاع، بينما أتاح الإلحاد بعض أسوأ الفظائع التاريخية.

الكتاب المقدس يركز بشدة على بر الله وضعف البشرية. فقد بشر يسوع رسالة السلام وعاشها بالكامل، وفعل أتباعه الأوائل نفس الشيء. وكل محاولة لتبرير "الحرب المقدسة" بالمسيحية الشكلية واجهت معارضة وانقسامًا داخل الكنيسة. تاريخيًا ولاهوتيًا، لم تكن "الحرب المقدسة" جزءًا من المسيحية الكتابية.