السؤال

هل التبشير الرقمي أو التبشير عبر الإنترنت فعّال؟

الجواب
يشمل التبشير الرقمي استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف والمواقع الإلكترونية لمشاركة رسالة الخلاص بيسوع المسيح، وصنع تلاميذ مسيحيين، وتعزيز عمل ملكوت الله على الأرض. بين عامي 2010 و2014، بدأت بعض أكبر المنظمات التبشيرية في العالم، بما في ذلك رابطة بيلي غراهام الإنجيلية (BGEA) ومنظمة "الانتشار الإعلامي العالمي " (GMO)، بتحويل تركيزها ومواردها من الجمهور الحي إلى التبشير عبر الإنترنت. ونتيجة لذلك، تدّعي هذه الخدمات أنها تحقق تأثيرًا عالميًا أعظم من أي وقت مضى، مع أبرز ميزة وهي القدرة على "الوصول إلى قلوب الناس في أي وقت وفي أي مكان" (زايليسترا، س. إ، "التبشير: هل تصنع القرارات الرقمية تلاميذًا؟" مجلة "كريستيانتي توداي"، 2015، ص. 17).

منذ الأيام الأولى للكنيسة المسيحية، تكيّفت أساليب التبشير، مستفيدة من كل وسيلة اتصال وفرصة متاحة. فقد تواصل يسوع مع الناس فرديًا (يوحنا 3: 1–21) ومع الجموع (متى 4: 25). وبشّر التلاميذ الأوائل في المجامع حيث يجتمع الناس (أعمال الرسل 13: 14–16؛ 14: 1؛ 17: 2؛ 18: 4)، وفي الشوارع (أعمال الرسل 17: 16–34)، وفي البيوت (أعمال الرسل 10: 24–25؛ لوقا 5: 29). كما استخدموا الكتابات اليدوية (يوحنا 20: 30–31؛ لوقا 1: 1–4؛ أعمال الرسل 1: 1–2) والرسائل (كولوسي 4: 16؛ تسالونيكي الأولى 5: 27) للوصول إلى مناطق نائية ومشاركة الإنجيل مع أوسع جمهور ممكن. وفي (كورنثوس الأولى 9: 19–23)، أوضح الرسول بولس استراتيجيته في التبشير باستخدام كل وسيلة متاحة له حتى "لأخلّص على كل حال قومًا. وهذا أنا أفعله لأجل الإنجيل" (الآيتان 22–23).

حتى القرن الخامس عشر، كان معظم التبشير يتم من خلال الوعظ والتعليم المباشر والشهادة الشخصية. لكن مع اختراع الطباعة وتطورها، حدثت ثورة في التبشير المسيحي، إذ أصبحت الكتب والإناجيل والمنشورات والمواد والمجلات المسيحية في متناول المتعلمين في كل أنحاء العالم. ثم أدت التطورات الإلكترونية الحديثة إلى توسيع المجال أكثر باستخدام الراديو والتلفاز والسينما لنشر الإنجيل. وهكذا، ومع التقدم التكنولوجي الحالي، من السهل فهم سبب انتشار التبشير الرقمي كاتجاه شائع في استراتيجيات التواصل الكنسي.

في الوقت الحاضر، أصبح عدد مستخدمي الإنترنت أكبر من أي وقت مضى. فحوالي خمسة مليارات شخص - أي ما يعادل 66٪ من سكان العالم - يستخدمون الإنترنت يوميًا (www.statista.com/statistics/273018/number-of-internet-users-worldwide/، تم الوصول في 6/11/2023). ويقضي الأمريكي العادي نحو سبع ساعات يوميًا على الإنترنت. لذا، إذا أردنا الوصول إلى الناس في عصرنا، فمن المنطقي أن ندرج الموارد الرقمية في جهودنا التبشيرية.

لقد أمر يسوع أتباعه قائلًا: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم" (متى 28: 19). وقد ازداد إمكاننا لتحقيق الإرسالية العظمى بشكل هائل بفضل استخدام الإنترنت، إذ أصبح من الممكن للمؤمنين التواصل مع الناس في أي مكان تقريبًا في العالم، حتى في أكثر البلدان تقييدًا. ومن المزايا الإضافية للتبشير عبر الإنترنت أنه أقل تكلفة من معظم وسائل التبشير الأخرى. ففي عام 2015، ذكرت منظمة (GMO) أنها أنفقت أقل من خمسة سنتات على كل تعرّض رقمي للإنجيل (www.christianitytoday.com/ct/2015/march/do-digital-decisions-disciple.html، تم الوصول في 14/11/2023).

ومع ذلك، يرى العديد من المسيحيين أن اللقاءات وجهاً لوجه مثل التبشير من بيت إلى بيت، أو الوعظ في الشوارع، أو الحملات الحية، أو خدمات الكنيسة، أو أي أسلوب تبشير يعتمد على العلاقة الشخصية، أكثر فاعلية من التبشير الرقمي، لأنها تتيح التواصل الشخصي والمتابعة والدعم في التلمذة. ويقول معارضو التبشير عبر الإنترنت إن قبول المسيح بنقرة زر قد يؤدي إلى مفاهيم خاطئة عن الخلاص وعن علاقة الإنسان بالله، إذ قد يفتقر المتحولون الجدد إلى القدوة الحية وإلى الشعور بالمجتمع والانتماء إلى جسد المسيح.

ومعظم الخدمات التي تتبنى التبشير الرقمي تدرك حدود الإنترنت. فشبكة الويب العالمية ليست سوى أداة منحها الله للمؤمنين ليصلوا إلى الضالين. أما الكنيسة المحلية - جسد المسيح - فهي كانت وستبقى دائمًا جوهر المسيحية. لا يستطيع المؤمن أن ينمو روحيًا بمعزل عن الآخرين. فالمسيحيون يحتاجون إلى شركة حقيقية ومنتظمة ويومية مع المؤمنين الآخرين لينموا في الإيمان ويثبتوا فيه (عبرانيين 10: 24–25). يمكن للتبشير عبر الإنترنت أن يربح إنسانًا للمسيح، لكن الشركة الحقيقية مع أعضاء جسد المسيح هي الطريق إلى التلمذة والنضوج المسيحي.