السؤال

ما هو سفر يشوع بن سيراخ (الجامعة)؟

الجواب
سفر يشوع بن سيراخ، المعروف أيضًا باسم "الجامعة" أو Ecclesiasticus، هو أحد الأسفار القانونية الثانية (Deuterocanonical) التي تظهر في بعض نسخ الكتاب المقدس مثل الكاثوليكية والأرثوذكسية، لكنه مرفوض ضمن القانون الرسمي للكتاب المقدس عند اليهود والبروتستانت. يُعد هذا السفر من كتب الحكمة، ويشبه في مضمونه أسفار مثل الأمثال والجامعة.

كُتب هذا السفر بين عامي 190 و170 قبل الميلاد على يد رجل يُدعى يشوع بن سيراخ، وهو حكيم يهودي عاش في أورشليم وكان مطّلعًا على الأسفار العبرية. كتب السفر أصلاً باللغة العبرية، ثم تُرجم إلى اليونانية لاحقًا على يد حفيده عام 132 ق.م. في مقدمة الترجمة اليونانية، يُشير المترجم إلى أن الأسفار المقدسة المعترف بها حينها كانت "الناموس والأنبياء وكتب أخرى"، ما يدل على أن سفر بن سيراخ لم يُعتبر ضمن الأسفار القانونية.

ورغم أنه لم يكن جزءًا من القانون العبري الرسمي، إلا أن سفر يشوع بن سيراخ كان واسع الاستخدام في المجامع اليهودية، ولاحقًا في الكنيسة الأولى، وظهر في النسخة السبعينية (الترجمة اليونانية للعهد القديم) وأيضًا في مخطوطات قديمة مثل Codex Vaticanus وCodex Sinaiticus . ومع ذلك، لم يُدرج في أي من قوائم الكتب القانونية المعترف بها من آباء الكنيسة الأوائل حتى مجمع قرطاج سنة 397 م حين أيده أوغسطينوس. أما مجمع لاودكية (363 م) فاستبعده، وأيضًا رفضه معظم قادة الكنيسة مثل مليتو أسقف ساردس ويوسابيوس القيصري.

تم اعتماد السفر رسميًا من قبل الكنيسة الكاثوليكية في مجمع ترنت عام 1546، مما ميّز القانون الكاثوليكي عن البروتستانتي، إذ لا يزال البروتستانت متمسكين بالقانون القديم الذي لا يضم هذا السفر.

مضمون السفر يشبه كتب الحكمة الأخرى، إذ يحتوي على نصائح متنوعة حول الأخلاق والسلوك اليومي، كما يتضمن قصائد في مديح الحكمة، ويعرض صورة تقليدية لله كإله رحيم، كليّ المعرفة، وثابت لا يتغيّر. يدعو السفر إلى الخوف من الرب باعتباره بداية الحكمة (كما في أمثال 9: 10). ومع ذلك، يختلف عن الكتاب المقدس في بعض النقاط اللاهوتية، لا سيما في تعليمه حول العقاب، إذ يشير إلى أن الله يُجازي الخطاة في هذه الحياة فقط، وليس في الحياة الأبدية - وهو موقف قريب من فكر الصدوقيين الذين أنكَروا القيامة. في المقابل، يُعلّم الكتاب المقدس بوضوح وجود حياة أبدية ودينونة بعد الموت (راجع دانيال 12: 2، متى 22: 29-32).

في الغالب، يمكن أن يُعدّ ما تبقى من هذا الكتاب تعليقًا ذا قيمة ودليلًا تعليميًا، لأنه يستند إلى أسس مأخوذة من الأسفار المقدسة. ويعكس جزء كبير من هذا الكتاب تعاليم كتب كتابية سابقة، ويحمل لاهوتًا يهوديًا تقليديًا محافظًا. ويُصوَّر الله فيه على أنه غير متغيّر، كليّ المعرفة، ورحيم. ورغم أن الخطيئة هي نتيجة لاختيار الإنسان، إلا أن هناك رجاءً حتى للخطاة، لأنهم يستطيعون أن يبتعدوا عن الخطيئة ويتوبوا. وجوهر هذا الكتاب هو أن الحكمة، التي تُعرَّف بأنها الشريعة، لا تُمنح إلا لمن يخاف الرب (راجع أمثال 9: 10).

© Copyright Got Questions Ministries