السؤال

من هو ثوداس في الكتاب المقدس؟

الجواب
ذُكر ثوداس مرة واحدة فقط في الكتاب المقدس، في سفر أعمال الرسل 5. كان ثوداس مسيحًا كاذبًا، اعتبره الرومان محرضًا على التمرد ومثيرًا للشغب. يُذكر في أعمال الرسل كمثال على عبث ادعاء الزعامة الروحية، وتُقارن حالته بحالة يسوع.

تأتي الإشارة إلى ثوداس أثناء محاكمة. فقد تم القبض على بطرس والرسل في أورشليم للمرة الثانية بسبب وعظهم بأن يسوع هو المسيح (أعمال الرسل 5: 18). واقتيدوا أمام السنهدريم واستجوبهم رئيس الكهنة (الآية 27)، الذي ذكرهم بأنهم قد نُهوا بشدة عن التبشير باسم يسوع. قال رئيس الكهنة: "ها أنتم قد ملأتم أورشليم بتعليمكم وتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان" (الآية 28).

في هذا السياق، صرّح بطرس والرسل بقولهم الشهير: "ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس" (الآية 29). فاستشاط المجلس غضبًا بسبب رفض الرسل الانصياع لأوامرهم، وكانوا على وشك أن يرجموهم حتى الموت، وهو ما فعلوه لاحقًا مع استفانوس (أعمال الرسل 7).

لكن من بين أعضاء المجلس ارتفع صوت العقل: فوقف فريسي محترم يُدعى غمالائيل (الذي تعلم بولس على يديه، أعمال 22: 3) وقال: "يا رجال إسرائيل، احذروا ماذا أنتم مزمعون أن تفعلوا بهؤلاء الناس" (أعمال 5: 35). ثم ذكر ثوداس: "لأنه قبل هذه الأيام قام ثوداس قائلاً عن نفسه إنه شيء، الذي التصق به عدد من الرجال نحو أربع مئة، الذي قُتل، وجميع الذين انقادوا إليه تبددوا وصاروا لا شيء" (أعمال 5: 36).

كانت حركة ثوداس ظاهرة وقتية سرعان ما اندثرت بعد مقتله، مما يُظهر أنها لم تكن من الله.

وبناءً على مصير ثوداس، نصح غمالائيل المجلس بقوله: "والآن أقول لكم: تنحّوا عن هؤلاء الناس واتركوهم! لأنه إن كان هذا الرأي أو هذا العمل من الناس فسوف ينتقض. وإن كان من الله فلا تقدرون أن تنقضوه، لئلا توجدوا محاربين لله أيضًا" (أعمال 5: 38–39). كان في كلمات غمالائيل حكمة واضحة: إن كان يسوع مسيحًا كاذبًا، فإن عمله سيتلاشى مثل عمل ثوداس، وسيتفرق أتباعه. أما إذا كان ما يقومون به من الله، فإن مقاومته ستكون معاداة لله نفسه.

أقنع كلام غمالائيل المجلس، فلم يقتلوا الرسل، بل جلدوهم، "وأوصوهم أن لا يتكلموا باسم يسوع، ثم أطلقوهم" (أعمال 5: 40). فخرج الرسل فرحين "لأنهم حُسبوا مستأهلين أن يُهانوا من أجل اسمه" (الآية 41)، وواصلوا الكرازة والتعليم بأن يسوع هو المسيح (الآية 42). واستمر الإنجيل في الانتشار، وبنى يسوع كنيسته.

من المهم أن نلاحظ أن ثوداس المذكور في أعمال الرسل يختلف عن ثوداس الذي ذكره المؤرخ اليهودي يوسيفوس في كتابه "آثار اليهود"، حيث أن ثوداس الذي وصفه يوسيفوس قُتل بين عامي 44 و46 ميلاديًا، أي بعد زمن غمالائيل بكثير، في حين أن ثوداس المذكور في أعمال الرسل مات قبل ذلك.

كان ثوداس واحدًا من سلسلة طويلة من المسحاء الكذبة الذين حذر منهم يسوع (مرقس 13: 6). فقد روّج لنفسه على أنه شخص مهم، بينما لم يكن شيئًا. وربما جمع أتباعًا بفضل وعده بإعادة "تحرير" الأرض المقدسة، وهي فكرة شائعة آنذاك بأن المسيا سيقود ثورة ضد روما. لكن أتباعه تفرقوا بعد موته، كما قال غمالائيل، مما يدل أن حركته كانت من أصل بشري.

ادّعى ثوداس امتلاك سلطة لم تكن له؛ أما يسوع فقد أظهر قوته علنًا مرات كثيرة (يوحنا 11: 47). سعى ثوداس إلى إقامة مملكة أرضية بالقوة؛ أما يسوع فقال إن مملكته ليست من هذا العالم (يوحنا 18: 36). كلاهما قُتلا على يد الرومان؛ لكن ثوداس بقي في القبر، وتلاشت حركته. أما يسوع فقام من بين الأموات، وأتباعه لا يزالون حتى اليوم يشهدون له.

© Copyright Got Questions Ministries