السؤال

من هو ميخا في الكتاب المقدس؟

الجواب
ورد في العهد القديم عدد من الرجال الذين حملوا اسم ميخا (أخبار الأيام الأول 5: 5؛ 8: 34؛ 23: 30؛ أخبار الأيام الثاني 34: 20)، لكن هذا المقال يركّز على اثنين من أبرزهم. يأتي اسم "ميخا" من الكلمة العبرية "ميكايهو"، والتي تعني "من مثل يهوه؟"، ما يشير إلى أن من أُعطوا هذا الاسم كان لهم آباء أتقياء يؤمنون بيهوه. نقرأ عن أول ميخا في سفر القضاة 17-18. وقد عاش في زمن لم يكن فيه لإسرائيل ملك، وكان "كل واحد يعمل ما حسن في عينيه" (قضاة 17: 6). أما ميخا الثاني فكان نبيًا في يهوذا لمدة 59 سنة، خلال أيام يوثام وآحاز وحزقيا. وقد تنبأ في يهوذا في نفس الوقت الذي تنبأ فيه هوشع وعاموس في إسرائيل، وكان معاصرًا للنبي إشعياء.

يروي لنا قضاة 17 و18 قصة رجل يُدعى ميخا، يمثل نموذجًا من بين أمثلة كثيرة على الفوضى الروحية التي سادت إسرائيل في زمن القضاة. كان الشعب قد ترك يهوه، وركض وراء الأوثان مثل الشعوب الوثنية المجاورة، بل ودمج العديد من ممارسات العبادة الوثنية في عبادتهم لله الحقيقي. فقد رفضوا طاعة الرب، ولكن بما أنه لم يكن لديهم ملك، كان كل فرد يتصرف حسب ما يراه مناسبًا، مما أدى إلى الفوضى والانحلال. كان ميخا مثالًا حيًا على هذه الحالة الروحية؛ إذ سرق بعض الفضة من أمه، ثم أعادها لاحقًا، فكرستها لخدمة الرب، لكنها استخدمت جزءًا منها لصنع صنم فضي وضعوه في بيتهم.

ثم التقى ميخا برجل لاوي ودعاه ليقيم في بيته ويكون كاهنه الشخصي (قضاة 17: 7–12). ظن ميخا وأمه أنهما في حالة روحية سليمة أمام الله، لكنهما دمجا ممارسات دنيوية فاسدة، فلم يدركا التناقض في وجود صنم محفور داخل منزلهما. وكانا يظنان أن الرب مسرور بأعمالهما وسينعم عليهما بالبركة لأن لهما لاويًا ككاهن على ديانة مزيفة (قضاة 17: 13). لقد نُسيت وصايا الله بينما تبع ميخا وبيته طرقًا خاصة بهم في العبادة، مخالفة تمامًا لما أوصى به الرب: "لا تصنع لك تمثالًا منحوتًا، ولا صورة ما مما في السماء من فوق، وما في الأرض من أسفل، وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن" (خروج 20: 4–5).

تشبه أفعال ميخا تصرفات كثيرين ممن يدّعون المسيحية اليوم. فعندما يرون أن كلمة الله المكتوبة قد أصبحت قديمة أو مقيِّدة، يخترعون مسيحية زائفة لها "صورة التقوى ولكنهم ينكرون قوتها" (2 تيموثاوس 3: 5). وتغيب عن هذه النسخة المزيّفة مطالب جوهرية مثل إنكار الذات (غلاطية 2: 20) وحمل الصليب (لوقا 9: 23). وبدلًا من ذلك، يصنع أتباع هذه الديانة أوثانًا من الصحة والثروة والنجاح، ويفترضون أن الله مسرور بعبادتهم لأنفسهم. وهذه الصورة من "المسيحية الثقافية" تسود في الثقافات الغربية والأوروبية. وقد يمكن اعتبار ميخا رمزًا لهذه الحالة.

أما ميخا الثاني، فهو نقيض تام لميخا الأول الوثني. فهو النبي الذي كتب سفر ميخا. وقد وُصف بأنه من موَرَشَة، وهي بلدة صغيرة ولكنها مهمة في جنوب غرب يهوذا بالقرب من أرض الفلسطينيين. أعطي ميخا كلمة من الرب بشأن مستقبل السامرة وأورشليم (ميخا 1: 1). ويُعد السادس في ترتيب ما يُعرف بالأنبياء الصغار، وهم يُوصفون بالصغار نظرًا لقِصر أسفارهم لا لقلة أهميتهم. وكان النبي ميخا هو من تنبأ بولادة المسيح في بيت لحم (ميخا 5: 2؛ متى 2: 6). ويحمل سفره رسالة مزيجة من الرجاء والدينونة، إذ يعلن عن محبة الله ورحمته تجاه الذين يتوبون ويرجعون إليه (ميخا 7: 18–19). ويلخص ميخا متطلبات الله بهذه العبارة الشهيرة: "قد أخبرك أيها الإنسان ما هو صالح. وماذا يطلبه منك الرب إلا أن تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعًا مع إلهك؟" (ميخا 6: 8).

ويذكّرنا النبي ميخا بأن الله رغم كراهيته الأكيدة للخطية، إلا أنه دائمًا مستعد لأن يغفر ويسترد من يتوبون. فحتى في خضم تحذيراته الشديدة ليهوذا، يُدرج ميخا الرجاء بأن الله سيتراجع عن القضاء إذا تابوا عن شرهم. ويختم سفره بهذه الكلمات: "يعود يرحمنا، يدوس آثامنا. وتطرح في أعماق البحر جميع خطاياهم" (ميخا 7: 19). ويمكن للمسيحيين أن يجدوا عزاءً في هذه الكلمات. فبسبب المسيّا الذي تنبأ عنه ميخا، يمكن لليهود والأمم أن ينالوا غفران الله عندما يتوبون عن الشر ويسلكون "بتواضع مع إلههم" (ميخا 6: 8؛ 2 كورنثوس 5: 21).

© Copyright Got Questions Ministries