السؤال

من هو العالم بالكتاب المقدس؟

الجواب
العالم هو الشخص الذي قام بدراسات متقدمة في مجال معيّن. وبذلك، فإن "العالِم بالكتاب المقدس" هو من درس الكتاب المقدس بشكل معمّق، ربما في معهد لاهوتي أو دراسات عليا. وقد يُفرَّق بين "العالِم بالكتاب المقدس" والقس، إذ إن وظيفة القس الأساسية هي رعاية الكنيسة، بينما قد يعمل العالِم في عزلة، يكتب ويُجري أبحاثًا. وقد يُفرَّق أيضًا بين العالِم بالكتاب المقدس واللاهوتي، لأن اللاهوتي يسعى لبناء نظام عقائدي شامل، في حين أن العالِم بالكتاب المقدس قد يكتفي بتوضيح ما يقوله الكتاب دون السعي إلى تنظيمه ضمن نظام عقائدي. وتوجد في المعاهد اللاهوتية اليوم أقسام منفصلة تعكس هذه الفروق، مثل قسم "الدراسات الرعوية"، و"الدراسات اللاهوتية"، و"الدراسات الكتابية"، وغيرها.

ومع ذلك، لا يوجد تعريف تقني مُلزِم لما يجعل شخصًا ما "عالِمًا بالكتاب المقدس". فبعض الأشخاص، رغم عدم التحاقهم بمعهد لاهوتي، قد درسوا الكتاب المقدس بعمق واستخدموا مصادر جيدة، ويُمكن اعتبارهم علماء حقيقيين-فهم طلاب للكتاب المقدس. وبالمثل، لا يجب أن تكون هناك فواصل حادة بين الأقسام المختلفة في المعاهد. نأمل أن يكون كل قس ولاهوتي أيضًا عالِمًا بالكتاب المقدس. ونأمل أيضًا أن يكون كل عالِم قادرًا على استخدام معرفته لخدمة الآخرين.

نظرًا لتنوّع المناهج في التعامل مع الكتاب المقدس، وكثرة الهجمات على مصداقية كلمة الله اليوم، أصبح من الضروري غالبًا إضافة وصف إضافي لكلمة "عالِم بالكتاب المقدس". ففي الوقت الحاضر، هناك كثير من العلماء الإنجيليين الممتازين الذين يؤمنون بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله، ويسعون لتوضيح معناه لفائدة الكنيسة ولمجد الله. ولكن، يوجد أيضًا العديد من العلماء الليبراليين، والنقديين، والمتشككين الذين لا يعتقدون بأن للكتاب أي سلطان، بل يرونه مجرد كتاب أدبي أو سجل تاريخي لتجارب دينية سابقة. وغالبًا ما يضع هؤلاء أنفسهم في موضع الحكم على الكتاب بدلاً من الخضوع له.

من المثير للاهتمام أن كلمة "scholar" (عالِم) يمكن أن تعني أيضًا "طالب" - أي شخص يدرس على أي مستوى. واليوم، تشير بعض المدارس في الولايات المتحدة إلى طلابها باسم "علماء" حتى لو كانوا في الروضة. ووفقًا لهذا التعريف، يُمكن لكل مسيحي بل ويجب عليه أن يكون "عالِمًا بالكتاب المقدس". من المؤسف أن كثيرًا من الكنيسة اليوم تفتقر إلى المعرفة الكتابية.

تُعلّمنا الأسفار المقدسة أهمية دراسة ما تقوله. ولا تقتصر هذه الدراسة على حضور صفوف في كلية لاهوتية أو معهد أو حتى مدرسة الأحد. فالمسيحيون مدعوّون إلى التغذّي على كلمة الله بكل الوسائل المتاحة لهم - القراءة، الدراسة، الحفظ، التأمل في الكلمة؛ قراءة كتب جيدة تُساعد في شرح الكتاب المقدس؛ حضور الاجتماعات الكنسية حيث يمكنهم الاستماع إلى الوعظ والتعليم الكتابي؛ الاستماع إلى إذاعات مسيحية؛ وبالطبع، استخدام الأدوات الإلكترونية الجيدة مثل موقع Got Questions.

فيما يلي بعض الآيات التي تتحدث عن أهمية دراسة كلمة الله وأن يكون الإنسان "عالِمًا بالكتاب المقدس":

"خَبَّأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْلَا أُخْطِئَ إِلَيْكَ." (مزمور 119: 11)

"بِوَصَايَاكَ أَلْهَجُ، وَأُلاَحِظُ سُبُلَكَ. بِفَرَائِضِكَ أَتَلَذَّذُ. لاَ أَنْسَى كَلاَمَكَ." (مزمور 119: 15–16)

"لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هَذِهِ ٱلتَّوْرَاةِ مِنْ فَمِكَ، بَلْ تَلْهَجُ فِيهِ نَهَارًا وَلَيْلًا، لِتَتَحَفَّظَ لِتَعْمَلَ حَسَبَ كُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ." (يشوع 1: 8)

"وَكَانَ هَؤُلاَءِ [اليَهُودُ فِي بِيرِيَّةَ] أَشْرَفَ مِنَ ٱلَّذِينَ فِي تَسَالُونِيكِي، فَقَبِلُوا ٱلْكَلِمَةَ بِكُلِّ نَشَاطٍ، فَاحِصِينَ كُلَّ يَوْمٍ ٱلْكُتُبَ هَلْ هَذِهِ ٱلْأُمُورُ هَكَذَا؟" (أعمال 17: 11)

"كُلُّ ٱلْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ ٱللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ، لِلتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ، لِلتَّأْدِيبِ ٱلَّذِي فِي ٱلْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ ٱللهِ كَامِلًا، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ." (2 تيموثاوس 3: 16–17)

"فَأَجَابَ وَقَالَ: مَكْتُوبٌ: «لَيْسَ بِٱلْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا ٱلْإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ ٱللهِ»." (متى 4: 4)

"لأَنَّ كُلَّ مَا سُبِقَ فَكُتِبَ، كُتِبَ لِتَعْلِيمِنَا، حَتَّى بِٱلصَّبْرِ وَبِٱلتَّعْزِيَةِ بِٱلْكُتُبِ لَنَكُونَ لَنَا رَجَاءٌ." (رومية 15: 4)

وقد كان هناك عدد من العلماء الذين تفاعلوا مع يسوع بانتظام. وكان يُطلق عليهم "الكتبة" و"الفريسيون". فالكتبة كانوا محترفين مهمّتهم معرفة شريعة الله ونسخها وتفسيرها للناس. أما الفريسيون فكانوا طائفة صارمة جدًا في اليهودية جعلت من واجبها معرفة جميع وصايا الله والالتزام الدقيق بها. ومع ذلك، فإن مجرد معرفة الحقائق الكتابية لا يكفي.

قال يسوع: "فَأَنْتُمْ تَفْحَصُونَ ٱلْكُتُبَ، لِأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهِيَ ٱلَّتِي تَشْهَدُ لِي! وَلَكِنَّكُمْ لَسْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ." (يوحنا 5: 39–40). لقد درس الكتبة والفريسيون الأسفار المقدسة، وكان ذلك أمرًا جيدًا. ولكن تركيزهم أصبح على الكتاب نفسه، والكلمات، والمحتوى الأدبي. ظنّوا أن معرفة كلمة الله تمنحهم الحياة الأبدية، ولكنهم في غيرتهم على الكلمة، فاتتهم رؤية الله نفسه. فلو فهموا حقًا ما كانوا يدرسون، لكانوا أتوا إلى المسيح، لأن كل الكتاب يشير إليه ويجد تمامه فيه. لقد أعمتهم مطامحهم الفكرية والشرعية عن الموضوع الرئيسي الذي تسعى كلمة الله لإظهاره.

في النهاية، لا فائدة من أن يكون المرء عالِمًا بالكتاب المقدس إذا لم يخضع لسلطان الكتاب. ولا فائدة من معرفة كلمة الله إن لم تؤدِ إلى معرفة الله ذاته. فالكتاب المقدس لا يمنحنا الحياة الأبدية، لكنه يدلنا على يسوع الذي يمنحنا إياها. من الصعب فهم من هو الله والحياة التي في المسيح دون جعل دراسة الكتاب أولوية.

© Copyright Got Questions Ministries