السؤال

ماذا يقول الكتاب المقدس عن العِرافة بالعِصا (Dowsing) ؟

الجواب
العِرافة بالعِصا، وتُسمى أيضًا "السحر المائي " (water witching)، هي طريقة للعثور على المياه الجوفية أو الكنوز المدفونة بالاعتماد على ما يسميه الممارسون "الطاقة الروحية". تتنوع أساليبها، لكن غالبًا يمسك العرّاف عصًا متشعبة الأطراف ويوجه طرفها المستقيم نحو الأرض. ويُعتقد أن العصا تتحرك صعودًا أو هبوطًا عندما يمر العرّاف فوق مكان يوجد فيه ماء أو مادة أخرى. وقد وُجدت هذه الممارسة منذ العصور القديمة ويعتبرها كثيرون مجرد وسيلة غير مؤذية. ورغم أن الكتاب المقدس لا يذكرها تحديدًا، إلا أن هناك عناصر فيها يجب أن تثير القلق.

فبينما يمكن لأي شخص أن يمشي حاملًا عصًا متشعبة، إلا أن الممارسين الملتزمين يعتقدون أنهم يستخدمون "حاسة سادسة" للتواصل مع طاقة الأرض. ويظنون أن "الكون" يحدثهم ويكشف لهم أسرارًا مدفونة. استخدام عصا العِرافة يشبه استخدام لوحة ويجا (Ouija board)، إذ هو محاولة لاكتساب معرفة عبر "طاقة إيجابية أو سلبية" يُزعم أنها تتحكم في جسم جامد. بعضهم يقول إن الأرض غنية بالمياه لدرجة أن أي شخص تقريبًا يستطيع تخمين مكان وجودها، لكن آخرين يلاحظون أن نسب نجاح العرّافين تبدو أعلى بكثير من التخمين العشوائي.

الكتاب المقدس يتناول ممارسات مثل هذه في هوشع 4: 12: «شَعْبِي يَسْأَلُ خَشَبَهُ، وَعَصَاهُ تُخْبِرُهُ، لأَنَّ رُوحَ الزِّنَى قَدْ أَضَلَّهُمْ فَزَنُوا مِنْ تَحْتَ إِلَهِهِمْ». وقد فُسِّرت "عصا العرافة" بطرق مختلفة، مثل العصا السحرية، أو عمود عشتاروت، أو نوع من الخشب يُستخدم للتنبؤ بالمستقبل أو لاكتساب "الحكمة". والعصا المذمومة في هوشع تشبه إلى حد كبير عصا العِرافة - بل إن أحد أسمائها هو "عصا العِرافة" لأن هدفها "الكشف" عن مكان الماء أو المعادن الثمينة. ووفقًا لهوشع، فإن الرب يضع عصا العِرافة، والوثنية، والزنى في نفس الفئة. فلماذا يُعارض الله وسيلة تبدو غير ضارة لاكتشاف مصدر ماء؟

الجواب هو أن العِرافة بالعِصا هي شكل من أشكال العِرافة، وهي ممارسة ينهى الله عنها بشدة (تثنية 18: 10؛ 2 ملوك 17:17؛ لاويين 19: 26). فالعِرافة هي محاولة للتنبؤ بالمستقبل أو كشف الأسرار بوسائل خارقة للطبيعة غير الرب. السحر، والعِرافة، والشعوذة، وغيرها من الممارسات المرتبطة بالأرواح كانت موجودة منذ أيام العهد القديم. وكان هذا أحد أسباب قسوة الله على شعوب كنعان وأمره شعبه بالابتعاد عنها تمامًا (تثنية 18: 14؛ ميخا 5: 12).

العرّافون المخلصون يشيرون إلى "القوة" التي وراء فنهم، ويزعمون أنها طاقة روحية تُوجه الكون. وربما هم على حق، إذ توجد قوى روحية تعمل في عالمنا. ففي أعمال الرسل 16: 16–18، كانت هناك جارية بها روح عِرافة تضايق بولس وسيلا، وكانت تصرخ معلنة أنهما «عبدا الله العلي». لكن بولس التفت وأمر الروح أن يخرج منها، فخرج في الحال. يربط هذا المقطع العِرافة مباشرة بالقوى الشيطانية. هذه الجارية كانت تعرف من هما بولس وسيلا. كانت معرفتها صحيحة، لكنها حصلت عليها عبر العِرافة، كما يزعم العرّافون. فإذا كانت هناك قوة خلف العِرافة بالعصا، كما يزعم الكثيرون، وهذه القوة ليست من الله، فمن تكون إذًا؟

في الواقع، هناك قوتان روحيتان فقط في العالم: الله والشيطان. كلاهما حقيقي وروحي وقوي، لكنهما ليسا متساويين. فالشيطان مجرد مخلوق ساقط، ملاك متمرد يسمح له الله بالسيطرة على هذا العالم ضمن حدود معينة (2 كورنثوس 4: 4؛ لوقا 10: 18). وأي قوة خارقة لا تأتي من الله هي شريرة. لا توجد "أرواح محايدة"، ولا "أدلاء روحيون ودودون"، ولا "طاقات إيجابية". فإما أن نختبر قوة الله العظيمة أو نتورط في ملعب الشيطان.

على المؤمنين أن يحذروا من العبث مع قوى روحية ليست من الله. فنحن نفتح الباب لعدونا عندما ندعوه للتدخل في حياتنا (1 بطرس 5: 8). وإذا لجأنا إلى أشخاص يزعمون أنهم يتنبأون بالمستقبل أو أن "الأرض تحدثهم"، فعلينا أن نعلم أننا ندعو شياطين الجحيم ذاتها لتخبرنا عن حياتنا. في زكريا 10: 2 يصرخ الله محذرًا إسرائيل مما يفعلونه: «لأَنَّ التَّرَافِيمَ قَدْ تَكَلَّمُوا بِالْبَاطِلِ، وَالْعَرَّافُونَ رَأَوُا الْكَذِبَ، وَأَخْبَرُوا بِأَحْلاَمِ الْكَذِبِ، وَأَعَزُّوا بِالْبَاطِلِ. لِذَلِكَ ارْتَحَلُوا كَغَنَمٍ. ذَلُّوا إِذْ لَيْسَ رَاعٍ». عندما نترك راعينا الصالح (يوحنا 10: 11) لنلهث وراء معرفة لم يعلنها لنا، نصبح فريسة سهلة للذئاب (متى 10: 16؛ أعمال 20: 29).