السؤال
متى كُتب سفر المراثي؟
الجواب
من نتائج خطايا إسرائيل ضد الله أن البابليين نهبوا أورشليم في عام 586 قبل الميلاد. النبي إرميا نعى فقدان المدينة والخطيئة التي أدت إليها، حيث صرخ قائلاً: «ليكن رأسي عيناً وعيوني ينبوع دموع، فأبكي نهاراً وليلًا على قتلى شعبي» (إرميا 9: 1). سفر المراثي هو سجل لحزن النبي، يصف خراب أسوار المدينة واحتراق الهيكل. ومن المحتمل أنه كتبه بعد سقوط المدينة مباشرة في 586 قبل الميلاد.
يصف الآية الأولى من سفر المراثي سقوط أورشليم: «كيف خلت المدينة، كثيرة الشعب كانت! أصبحت كاليتيمة. كانت عظيمة بين الأمم، أصبحت كأرملة. كانت ملكة بين المقاطعات، صارت خادمة» (مراثي 1:1). افتتاح السفر يضع نغمة الحزن التي تسود الخمسة فصول كلها، ويدعم الرأي بأن إرميا هو كاتب المراثي بعد خراب أورشليم مباشرة، لأنه ينقل ألم من شهد الدمار.
سفر إرميا يحدد بوضوح النبي كاتبه (مثلاً: إرميا 1 :1-3)، ومراثي تشترك معه في العديد من المواضيع والوصف، مما يعزز احتمال أن إرميا كتب المراثي بعد سقوط المدينة.
يزيد من ارتباط السفرين التشابه في تصوير معاناة أورشليم بلغة مشابهة. مثلاً، يقول مراثي 1: 2: «تبكي في الليل بالمرارة، على خديها دموع. ليس لها من يعزيها من جميع محبيها، خانها كل أصدقائها، صاروا أعداءً لها». بالمثل، يقول إرميا 30: 14: «نسوك جميع حلفاءك، لا يهتمون لأمرك. ضربتك كالعدو، وعاقبتك كما يفعل القاسي، لأن ذنبك عظيم وخطاياك كثيرة». مثل هذه الموازيات تدعم فكرة أن إرميا كتب المراثي بعد أن شهد سقوط أورشليم.
مع أن المراثي لا تذكر كاتبها مباشرة، إلا أن الأدلة الداخلية تدعم أن إرميا هو كاتبها. وهذا يساعد في تحديد تاريخ السفر، لأن إرميا شهد الخراب شخصياً. مثلاً، في مراثي 1: 14 تمثل المدينة المعاناة تحت الاحتلال البابلي: «أُغلقت خطاياي بالنير، نسجتها يديه، عُلقت على عنقي، وسلبني الرب قواي، ودفعني إلى أيدي لا أقدر عليهم».
هناك أدلة إضافية على أن كاتب المراثي كان شاهداً على الأحداث، مثل وصف مراثي 2: 9 لحالة المدينة: «غرقت أبوابها في الأرض، قطع قضبانها، ودمرها. ملوكها ورؤساؤها منفيون بين الأمم، لا يوجد شريعة، ولا يجد أنبياؤها رؤى من الرب». هذا يعكس الخراب الجسدي والروحي والسياسي لأورشليم، ويؤيد فكرة أن إرميا كتب المراثي بعد سقوط المدينة عام 586 قبل الميلاد.
رغم أن البابليين دمروا أورشليم والهيكل، وأُخذ إرميا لاحقاً إلى مصر رغماً عنه، لم يكن شعب الله بلا رجاء. عبر إرميا عن أمله في السفر: «لأن رحمة الرب لم تنتهِ، لأن عطوفه لم تقصر. كل صباح جديد، عظيم أمانتك. قلت في نفسي: الرب هو نصيبي، لذلك سأنتظره» (مراثي 3: 22-24). حتى في أحلك أوقات تاريخ إسرائيل، يؤكد سفر المراثي على أمانة الله لشعبه.
English
متى كُتب سفر المراثي؟