السؤال
لماذا تحتوي الترجمات الحديثة للكتاب المقدس على آيات مفقودة؟
الجواب
عند مقارنة ترجمتي "الملك جيمس" و"الملك جيمس الجديدة" بالترجمات الحديثة مثل "الترجمة الدولية الجديدة" ، و"الترجمة الإنجليزية القياسية" ، و"الكتاب المقدس القياسي المسيحي " ، و"الترجمة الحية الجديدة" ، يُلاحظ أن بعض الآيات مفقودة تمامًا من النصوص الحديثة. ومن الأمثلة على هذه الآيات: يوحنا 5: 4، أعمال 8: 37، و1 يوحنا 5: 7. وهناك أيضًا مقطع مرقس 16: 9–20، الذي يُدرج دائمًا إما في النص أو كحاشية. بالإضافة إلى هذه الآيات القليلة، توجد أيضًا عبارات وكلمات عديدة غير موجودة في الترجمات الحديثة. فلماذا تُحذف هذه الآيات والعبارات؟ وهل فعلاً تقوم الترجمات الحديثة بإزالة آيات من الكتاب المقدس كما يزعم البعض؟
الجواب هو: لا، الترجمات الحديثة لا تزيل آيات من الكتاب المقدس. بل تسعى هذه الترجمات إلى تقديم ما كتبه كتبة الكتاب المقدس الأصليون بدقة، مما يعني استبعاد أي شيء لم يكن جزءًا من النص الأصلي. إذ إن كل ما يبدو "مفقودًا" في الترجمات الحديثة هو في الواقع ـ بحسب غالبية العلماء ـ لم يكن موجودًا في الأصل من الأساس.
تمت ترجمة نسخة الملك جيمس سنة 1611م، وقد استخدم مترجمو العهد الجديد فيها مخطوطة يونانية تُعرف باسم "النص المستلم" (Textus Receptus). ومنذ ذلك الحين، تم اكتشاف العديد من المخطوطات الكتابية التي تسبق "النص المستلم" زمنًا، ويُعتقد نظريًا أن هذه المخطوطات الأقدم أكثر دقة. وقد اكتشف علماء الكتاب المقدس ونقّاد النصوص، عند فحصهم لتلك المخطوطات، وجود اختلافات بينها وبين "النص المستلم". ويبدو أنه على مدى 1500 عام، أُضيفت بعض الكلمات والعبارات، بل حتى الجُمل، إلى نصوص الكتاب المقدس، سواء عن قصد أو عن غير قصد. أما "الآيات المفقودة" المذكورة أعلاه، فهي ببساطة غير موجودة في بعض أقدم وأوثق المخطوطات. لذلك، قامت الترجمات الحديثة بحذفها أو وضعها في حواشٍ أو بين أقواس لأن المترجمين اعتبروا أنها لا تنتمي أصلًا إلى نص الكتاب المقدس.
فعلى سبيل المثال، نجد أن يوحنا 5: 4 موجودة في نسخة الملك جيمس، ولكنها في نسخة الملك جيمس الجديدة تأتي مع حاشية توضح أنها غير موجودة في العديد من النصوص اليونانية؛ وفي ترجمة NASB، توضع بين أقواس؛ بينما في ترجمة NIV تُدرج الآية في الحاشية، لذا فإن يوحنا 5: 4 "مفقودة" من النص الرئيسي. والمقطع المثير للجدل هو كالتالي: "ينتظرون تحريك الماء، لأن ملاكًا من عند الرب كان ينزل أحيانًا إلى البركة ويحرك الماء، فكان من نزل أولًا بعد تحريك الماء يبرأ من أي مرض كان فيه" (يوحنا 5: 3–4).
وإليكم تفسيرًا محتملًا لكيفية ظهور يوحنا 5: 4 في بعض النسخ: كان هناك ناسخ ينسخ الإصحاح الخامس من إنجيل يوحنا، حيث يزور يسوع بركة بيت حسدا: "في هذه كان مضطجعًا جمهور كثير من مرضى وعمي وعرج ويابسي الأعضاء..." (يوحنا 5:3–5). وعندما يصل الناسخ إلى الآية 7، حيث يتحدث يسوع إلى الرجل المريض عن رغبته في الشفاء، يرد الرجل: "ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء..." (الآية 7). لاحظ الناسخ أن الإشارة إلى "تحريك الماء" قد تُربك القارئ، لأن يوحنا لم يشرح السبب، فكتب هامشًا لتفسير المقصود، مفاده أن ملاكًا كان ينزل في أوقات معينة ليُحدث شيئًا خارقًا. كانت هذه الملاحظة الهامشية تهدف لتسهيل الفهم، لكنها مع الوقت نُقلت من الهامش إلى النص نفسه، ربما ظنًا من ناسخ آخر أن الآية قد سقطت سهوًا من النسخة الأصلية، فأضافها كمكون من النص.
ومن الضروري أن نُدرك أن الآيات المعنية ليست ذات أهمية محورية، ولا تغيّر في أي حال من الأحوال المواضيع الأساسية في الكتاب المقدس، كما أنها لا تمسّ العقائد الجوهرية مثل: موت وقيامة يسوع؛ أن المسيح هو الطريق الوحيد للخلاص؛ عقائد السماء والجحيم، والخطيئة والفداء، وطبيعة الله وصفاته. فهذه العقائد محفوظة بإرشاد الروح القدس، الذي يصون كلمة الله عبر الأجيال.
المسألة إذًا ليست أن الترجمات الحديثة تفتقر إلى آيات، ولا أن مترجمي نسخة الملك جيمس أضافوا إلى الكتاب المقدس، بل هي مسألة بحث علمي دقيق يهدف إلى تحديد ما هو النص الأصلي الأكثر احتمالًا، اعتمادًا على أقدم وأوثق المخطوطات المتاحة.
English
لماذا تحتوي الترجمات الحديثة للكتاب المقدس على آيات مفقودة؟