settings icon
share icon
السؤال

ما هي منهجيتا الحد الأدنى والحد الأقصى في التعامل مع الكتاب المقدس؟

الجواب


يُطلق مصطلحا "الحد الأدنى" و"الحد الأقصى" على وجهات نظر داخل دراسات العهد القديم. ففي سياق الدراسات الكتابية، يمثّل الحد الأدنى النظرة الليبرالية التي تقترح منهجًا جديدًا وتقدميًا تجاه الكتاب المقدس، بينما يمثّل الحد الأقصى المنهج المحافظ والتقليدي. والسؤال الجوهري هو: ما مدى تاريخية نصوص العهد القديم؟ أي إلى أي حد تعكس هذه النصوص أحداثًا تاريخية فعلية، وما المعايير التي ينبغي تطبيقها عند دراستها من زاوية تاريخية؟

يميل الباحثون المصنّفون تحت منهج الحد الأدنى إلى رفض تاريخية نصوص الكتاب المقدس، في حين يميل أصحاب منهج الحد الأقصى إلى قبولها على أنها دقيقة تاريخيًا. ويذهب بعض من الحدّيين الأدنى إلى حد القول إن أسفار العهد القديم هي بمعظمها مختلقة، وقد كُتبت بين فترة غزو الفرس لبابل والقرن الأول بعد الميلاد. ويجادل هؤلاء أيضًا بأن "إسرائيل" ككيان قومي، كما تُصوّر في الكتاب المقدس، لم تكن موجودة على أرض الواقع. أما الحدّيون الأقصى، فيجادلون بأن الكتاب المقدس موثوق في جوهره كوثيقة تاريخية، ويجب النظر إليه كمصدر أولي للفترة التي يصوّرها، ما لم يتم تقديم دليل خارجي يُثبت العكس.

الاختلاف الرئيسي بين الحدّيين الأدنى والأقصى يتمثل في طريقة تعاملهم مع تاريخية العهد القديم. فبحسب الكثير من الحدّيين الأقصى، يجب اعتبار الكتاب المقدس موثوقًا تاريخيًا ما لم يوجد دليل قوي يعارضه. أما الحدّيون الأدنى، فيرون أنه يجب رفض نصوص الكتاب المقدس ما لم يوجد دليل قوي يدعم كل مقولة على حدة. وقد جاءت تسميتا "الحد الأدنى" و"الحد الأقصى" من نقطة انطلاق كل فريق: إذ يرى الحدّيون الأدنى أن على الباحثين قبول أقل قدر ممكن من بيانات الكتاب المقدس على أنها تاريخية، بينما يرى الحدّيون الأقصى أنه ينبغي اعتبار أكبر قدر ممكن من هذه البيانات تاريخيًا.

فعلى سبيل المثال، يرى عدد من الحدّيين الأدنى البارزين أن الروايات الكتابية عن الملك داود والملك سليمان مختلقة في جوهرها. ويعتقدون أنه لم تكن هناك مملكة موحدة في إسرائيل في ذلك الزمن، على الأقل ليس كما يصورها العهد القديم. أما الحدّيون الأقصى، فيمنحون النص الكتابي مزيدًا من الاحترام، ويجادلون بأن روايات داود وسليمان، إذا فُهمت بشكل صحيح، فإنها تنسجم مع الواقع التاريخي.

العديد من الباحثين المعاصرين لا يصنّفون أنفسهم ضمن أي من الفريقين، بل يقفون في نقطة ما على الطيف بين الحد الأدنى والحد الأقصى. فبعضهم يقبل تاريخية أجزاء معينة من العهد القديم، بينما يعتقد آخرون أن العهد القديم يستند إلى ذكريات أحداث تاريخية، لكنه خضع للزخرفة والتحرير لدرجة أنه لم يعد قابلًا للاستخدام من قِبل المؤرخين أو علماء الآثار. ويُطلق البعض على هؤلاء الباحثين الذين يقفون في المنتصف تسمية "الوسطيين".

من المهم أن ندرك أن الحدّيين الأدنى والأقصى غالبًا ما يتعاملون مع نفس المعطيات. إنما الاختلاف يكمن في منهجية تعاملهم مع هذه المعطيات، لا في المعطيات نفسها. فكل باحث ينطلق من افتراضات معينة تجاه المعطيات المتاحة، ويُعيد ترتيب الأدلة تبعًا لها. العديد من الحدّيين الأدنى يفترضون أن الله غير موجود، وأن المعجزات مستحيلة، وأن العهد القديم مشوّه إلى حد كبير بالدعاية، وبالتالي فإن وجود أي تاريخ حقيقي فيه أمر غير مرجّح. في المقابل، فإن الكثير من الحدّيين الأقصى هم مسيحيون مؤمنون، ويمنحون النص الكتابي وزنًا تاريخيًا إضافيًا بسبب قناعاتهم بالإلهام الإلهي.

ولكي نكون أفرادًا يتمتعون بالتمييز، يجب أن نتعرّف على افتراضات الآخرين عند تناولهم أي موضوع، وأن نُصغي لآراء متنوعة، وأن نجمع أكبر قدر ممكن من البيانات ذات الصلة. وبصفتنا مسيحيين، لسنا مضطرين إلى مقاربة هذه القضايا من نقطة حياد مطلقة: بل نستند إلى إيماننا بالله وكلمته الموثوقة ونحن نخوض في هذه النقاشات الأكاديمية المعقدة.

English



عد إلى الصفحة الرئيسية باللغة العربية

ما هي منهجيتا الحد الأدنى والحد الأقصى في التعامل مع الكتاب المقدس؟
Facebook icon Twitter icon YouTube icon Pinterest icon Email icon شارك هذه الصفحة:
© Copyright Got Questions Ministries