settings icon
share icon
السؤال

أنا متزوج من مدمن مخدرات، ماذا علي أن أفعل؟

الجواب


تنتشر أنواع الإدمان المختلفة في القرن الحادي والعشرين، ويُعد إدمان المخدرات من أكثرها تدميرًا للحياة والزواج. فالمخدرات تسيطر على كل لحظة يقظة في حياة المدمن، سواء أكان مدمنًا على المخدرات غير المشروعة أم على الأدوية الموصوفة قانونًا. والإدمان الجسدي والنفسي حقيقي ومؤلم. أما بالنسبة للزوج أو الزوجة، فالألم من نوع آخر. فإدمان المخدرات يدمر المال، والوقت، والأمان العاطفي. وقد يشعر الشريك بالعجز عن منع الطرف المدمن من تدمير كل ما هو مهم له. ولكن بما أن إدمان المخدرات لا يندرج ضمن الأسباب الكتابية المباشرة للطلاق، فما الذي يمكن أن يفعله الشريك؟

العديد من المواقف لا يُعالجها الكتاب المقدس بشكل مباشر، لذا علينا أن نستخرج مبادئ كتابية قابلة للتطبيق. فعلى سبيل المثال، لم تكن الهواتف المحمولة أو الإنترنت موجودة عند كتابة الكتاب المقدس، ومع ذلك يمكننا إيجاد مبادئ تحكم استخدامها (راجع مزمور 101: 3؛ متى 6: 33). وقد يُفاجأ البعض بأن الكتاب المقدس يتحدث بالفعل عن استخدام المخدرات، حيث يرتبط ذلك دائمًا بالسحر والشعوذة.

الكلمة اليونانية "فارماكيا " (pharmakeia)، المذكورة في غلاطية 5: 20 ورؤيا 18: 23، تعني "السحر"، وبشكل خاص "استخدام الأدوية والعقاقير في إطار الشعوذة". ومن هذه الكلمة أتت كلمتا "الأدوية" و"الصيدلية" في لغتنا. وترتبط الأدوية بالسحر لأن السحرة كانوا يصنعون جرعات تُستخدم في إلقاء التعاويذ واللعنات. وكانت المواد الكيماوية التي تغير العقل تُخضع المستخدم لسيطرة الساحر. وقد أدان الكتاب المقدس بشدة أي ارتباط بـ"فارماكيا". ففي غلاطية 5: 20، يُدرج إدمان المخدرات ضمن قائمة من الخطايا مثل عبادة الأوثان والبغضاء، وهي خطايا تسيطر على الإنسان وتبعده عن ملكوت الله.

إذا كان المسيحي متزوجًا من مدمن مخدرات يرفض التخلي عن إدمانه، فقد يكون من الآمن افتراض أن هذا المدمن لم يولد ثانية (يوحنا 3:3–6). فجوهر الإيمان الخلاصي هو الخضوع لسيطرة الروح القدس. ومع أن المسيحيين لا يزالون يخطئون، إلا أن ولاءهم يكون لله، ورغبتهم هي إكرامه بحياتهم (1يوحنا 1: 8–9؛ 1كورنثوس 10: 31؛ أفسس 5: 18). ولكن إدمان المخدرات يعني الخضوع لسيطرة مادة كيميائية. ولا يمكن أن نكون خاضعين لقوتين في آن واحد (متى 6: 24). فإدمان المخدرات ليس "مرضًا" كما يصفه المجتمع غالبًا، بل هو خطية. قد يبدو هذا الإدمان طاغيًا على المدمن، لكنه في الواقع خيار متواصل. واللجوء إلى مادة أو سلوك يسيطر على الحياة هو شكل من أشكال عبادة الأوثان، وعبدة الأوثان لا يرثون ملكوت الله (1كورنثوس 6: 9–10؛ رؤيا 21: 8).

يجب أن يكون الهمّ الأول للزوج أو الزوجة هو خلاص الزوج أو الزوجة المدمن. فالصلاة لها قوة عظيمة (يعقوب 5: 16)، ولكن هل هذا كل ما يتوقعه الله ممن هو متزوج من مدمن؟ في متى 18: 15–17 يُعطينا يسوع خطوات لمواجهة شخص يُعلن الإيمان لكنه يُصرّ على الخطيئة. أولًا، نواجهه على انفراد. إن لم يسمع، نأخذ شخصًا آخر معنا. وإن استمر في الرفض، نخبر الكنيسة. وإن استمر في الخطيئة، نقطع العلاقة. قد تختلف طريقة تطبيق هذه الخطوات قليلاً بين الزوجين، لكن بمشورة إلهية يمكن للزوج أو الزوجة اتباع هذه المبادئ، والصلاة أن يستخدم الله نهج "الحب الحازم" ليقود المدمن إلى التوبة.

وإذا تم تطبيق كل هذه الخطوات ولم يبدِ المدمن أي استعداد للمساعدة، فقد يكون الانفصال الجسدي ضروريًا. الانفصال ليس طلاقًا، لكنه قد يكون ما يحتاجه المدمن لطلب المساعدة. أثناء التعتيم الناتج عن الإدمان، لا يدرك المدمن غالبًا مدى الأذى الذي يسببه لمن حوله. وكثيرًا ما يبدأ المدمن في طلب المساعدة فقط عندما يُدرك ما خسره. وإذا كان بالفعل تابعًا للمسيح، فإن لديه الروح القدس ليساعده على التغلب على عبادة الذات المتجلية في تعاطي المخدرات.

أما إذا لم يكن المدمن مؤمنًا، فقد يكون الوقت قد حان لتطبيق ما ورد في 1كورنثوس 7: 15. يمكن للزوج المسيحي أن يضع حدودًا صحية في البيت. وإذا لم يحترم المدمن هذه الحدود، فله حرية المغادرة. على سبيل المثال، يمكن للزوج أن يقول: "أصبح هذا المنزل لا يُطاق بسبب إدمانك للمخدرات. لا يمكنني أنا ولا أطفالنا أن نعيش هكذا بعد الآن. لا أستطيع التحكم في ما تفعله، لكن لا يجب أن أظل واقفًا أشاهدك تدمّر نفسك أو تؤذي الآخرين. لذا، إن عدت إلى المنزل تحت تأثير المخدرات أو حاولت إدخال المخدرات إلى هنا، فسأتصل بالشرطة. وإن قدت السيارة وبها أطفالنا وأنت تحت التأثير، فسأبلغ عنك بتهمة الإساءة للأطفال". قد تبدو هذه الحدود قاسية، لكنها ضرورية لأن الإدمان يجعل الشخص غير عقلاني. وغالبًا لا يطلب المدمن المساعدة إلا عندما يصل إلى القاع. وإذا لم يطلب المساعدة حتى بعد ذلك، فعلى الأقل يكون خارج البيت وبعيدًا عن أعين الزوج أو الزوجة المتألمة والأطفال المتأثرين.

التمكين (أو التسهيل) هو خطأ شائع يرتكبه أزواج المدمنين. فنحن نُسهّل خطيئة شخص ما عندما نغطي عليها، أو لا نحمله المسؤولية، أو نُقلّل من عواقب أفعاله. يخبر المُمكّنون أنفسهم بأنهم "يساعدون"، بينما هم في الحقيقة يُرسّخون الإدمان. تخيل جدارًا ارتفاعه عشرة أقدام، يجب أن يتسلقه الشخص ليصل إلى ما خلقه الله ليكونه. فالمساعدة هي يدٌ ترفع الشخص وتُعينه على التسلق. أما التمكين، فهو أن تتمدد عند الجدار وتسمح له أن يقفز فوقك حتى يدوسك ويُدمّرك، ثم ينتقل إلى شخص آخر. لم يتحسن أحد، ولا يزال الشخص الذي كنت تظن أنك تساعده غير قادر على تسلق الجدار.

يواجه أزواج المدمنين قرارات صعبة، لكن من المفيد أن نتذكر أن أكثر الأمور محبة أحيانًا هي فرض حدود صحية. فعندما يرفض الناس في حياة المدمن تمكين الإدمان، يكون لدى المدمن فرصة أكبر للشفاء. الله يستخدم العواقب لتعليمنا. الجهال لا يتعلمون، ويستمرون في تكرار حماقاتهم (أمثال 26: 11). أما الحكماء، فيدركون ما يخسرونه بسبب استسلامهم للشهوات. فيضعون حدودًا لأنفسهم، ويجعلون أنفسهم خاضعين للمحاسبة، ويطلبون مجتمعًا يدعمهم في كفاحهم.

من يتزوج مدمنًا يشجعه، ويدعمه، ويُثني عليه، ويُعزيه طالما كان يسعى إلى الله وإلى المساعدة. ويشجعه على طلب المشورة النفسية لاكتشاف الفراغ العاطفي الذي يملؤه بالمخدرات. يحضر الاجتماعات العلاجية، ويطلب دعم الكنيسة، ويُصلّي. لكنه لا يحتاج أن يسمح للإدمان بأن يدمر الأسرة، أو يؤثر على الأطفال، أو يُحبط ثمرته هو في الحياة. فزوج المدمن أو زوجته يعيش مؤمنًا بأن يسوع قد جاء ليعطينا حياة أفضل (يوحنا 10: 10)، لا عبودية.

English



عد إلى الصفحة الرئيسية باللغة العربية

أنا متزوج من مدمن مخدرات، ماذا علي أن أفعل؟
Facebook icon Twitter icon YouTube icon Pinterest icon Email icon شارك هذه الصفحة:
© Copyright Got Questions Ministries