السؤال
ما هو الجمع الجلالي، وكيف يُستخدم في الكتاب المقدس؟
الجواب
الجمع الجلالي، والذي يُعرف أيضًا باسم "الجمع المَلَكي"، هو استخدام كلمة بصيغة الجمع (مثل الضمير "نحن") للإشارة إلى شخص واحد. يُعد هذا الأسلوب نوعًا من "النوّسِم" (nosism) ، أي الإشارة إلى النفس بصيغة الجمع، بهدف التأكيد أو التعظيم الأسلوبي. فعلى سبيل المثال، عندما يقول أحد أفراد العائلة المالكة "نحن" بدلاً من "أنا"، فإنه يستخدم الجمع الجلالي. ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك، ما يُروى عن الملكة فيكتوريا عندما سمعت نكتة مبتذلة، فقالت: "نحن غير مستمتعين."
استخدم العبرانيون القدماء هذا الأسلوب، وتوجد أمثلة عليه في العهد القديم. لكن هذا البناء اللغوي لا يقتصر على العبرية فقط؛ فقد عرفت اللغة اللاتينية ما يسمى بـ pluralis maiestatis ) أي "جمع الجلالة")، وتستخدمه أحيانًا اللغة الإنجليزية أيضًا. وتشمل اللغات الحديثة التي تستخدم الجمع الملكي: البنجابية، الهندوستانية، التيلغو، والعربية المصرية (حيث يُخاطَب رئيس الجمهورية بـ "حضراتكم").
يهدف استخدام الجمع الجلالي إلى الإيحاء بالعظمة، والسلطة، والمقام الرفيع. وغالبًا ما يُستخدم من قبل النبلاء والملوك والباباوات وغيرهم من ذوي المكانة العالية عند الحديث رسميًا، أو من قبل أصحاب المقام الأدنى عند الحديث إلى أو عن أصحاب المقامات العليا.
في الكتاب المقدس، نجد أربع آيات يشير فيها الله إلى نفسه باستخدام ضمائر الجمع. أكثر هذه الآيات شهرة هو تكوين 1: 26: "وقال الله: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا." انظر أيضًا: تكوين 3: 22؛ تكوين 11: 7؛ وإشعياء 6: 8. في هذه المواضع، يتحدث الإله الواحد عن نفسه بصيغة الجمع: "نعمل" و"صورتنا" و"شبهنا". وهذا يُعد مثالًا واضحًا على استخدام الجمع الجلالي، إذ يُبرز عظمة الله وتساميه من خلال مجرد استخدام الضمائر.
يُرى الجمع الجلالي أيضًا في أحد أكثر أسماء الله استخدامًا في العهد القديم، وهو "إلوهيم". فالكلمة نفسها بصيغة الجمع (وصيغة المفرد هي "إلوه")، وأحيانًا تُترجم إلى "آلهة" عندما تشير إلى تعدد آلهة كاذبة. لكن حين تشير إلى الإله الحقيقي الواحد، تُترجم "إلوهيم" (رغم كونها جمعًا) إلى "الله" (مفرد).
يقول تثنية 4: 35: "الرّب هو الله" - وبصيغة حرفية: "يهوه هو إلوهيم". ويقول الشِماع الشهير: "الرّب إلهنا، الرّب واحد". هنا مرة أخرى نرى الاسم المفرد "يهوه" مقترنًا بالاسم الجمع "إلوهيم"، في آية تُعلن بوضوح أن الله واحد. وصيغة الجمع في اسم "إلوهيم" تشير إلى سيادته السامية، وقوته الفائقة، وعلوه المتفرد.
ومن المهم أن نلاحظ أن استخدام الجمع الجلالي في العهد القديم لم يكن مقصودًا به تعليم عقيدة الثالوث. بل هو مجرد أداة لغوية استخدمها الله ليبرز عظمته. ومع ذلك، فإن استخدام الصيغ الجمع عند الإشارة إلى الله يفتح المجال لاحتمالية وجود طبيعة مثلثة الأقانيم. وعندما كُشف عن عقيدة الثالوث في العهد الجديد، انسجم هذا الاستخدام مع الإعلان الكامل عن طبيعة الله.
English
ما هو الجمع الجلالي، وكيف يُستخدم في الكتاب المقدس؟
