السؤال
كيف يجب أن ينظر المسيحي إلى ملكات السحب (Drag Queens) ؟
الجواب
أصبحت مسألة "ملكات السحب" (أشخاص - غالبًا رجال - يتنكرون أو يؤدون كشخصيات أنثوية بطريقة مبالغ فيها) بارزة بشكل متزايد في الثقافة المعاصرة. إذ تحتفل وسائل الإعلام والترفيه الحديثة بهذه العروض كأشكال من التعبير عن الهوية. ومع ذلك، ينبغي على المسيحي أن يقيّم هذه الظاهرة من خلال عدسة الأخلاقيات الكتابية. فبينما ينظر المجتمع إلى عروض السحب على أنها ترفيه بريء أو شكل من أشكال التعبير الشخصي، فإن الكتاب المقدس يقدم إرشادًا واضحًا فيما يخص النوع والتعبير الجنسي، ويجب أن يشكّل هذا الإرشاد منظور المسيحيين.
خلق الله الإنسان ذكرًا وأنثى، ولكل منهما دور وغرض مميز. يعلن تكوين 1: 27: "فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ". فالجنس البيولوجي ليس مفهومًا متغيرًا أو مجرد بناء اجتماعي، بل هو عنصر أساسي في تصميم الله للبشرية. التمييز بين الذكر والأنثى جزء من نظام الله الثابت.
أما ممارسة "السحب" - حيث يرتدي الرجال ملابس نسائية ويؤدون دور المرأة (أو العكس) - فهي تتحدى هذا النظام الإلهي. يقول سفر التثنية 22: 5: "لاَ يَكُنْ مَتَاعُ رَجُلٍ عَلَى امْرَأَةٍ، وَلاَ يَلْبِسْ رَجُلٌ ثَوْبَ امْرَأَةٍ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ذلِكَ مَكْرُهَةٌ لَدَى الرَّبِّ إِلَهِكَ". هذا النص يُظهر بوضوح جديّة الله في رفضه لطمس الفروقات بين الجنسين. المسألة لا تتعلق فقط بالملابس، بل بالنية لتشويش الفروق التي حدّدها الله.
الانخراط في أو دعم ثقافة "السحب" هو تأييد لممارسة تتعارض مع تصميم الله. يكرّر الكتاب المقدس أهمية العيش وفقًا لحقيقة الخليقة الإلهية، ومن هذه الحقيقة التمييز بين الذكر والأنثى. في رومية 1: 26–27، يصف بولس ممارسات تخالف الطبيعة، قائلاً: "لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ... وَكَذلِكَ الذُّكُورُ أَيْضًا، تَارِكِينَ اسْتِعْمَالَ الأُنْثَى الطَّبِيعِيَّ، اشْتَعَلُوا فِي شَهْوَتِهِمْ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ". رغم أن النص يتحدث مباشرة عن السلوك المثلي، إلا أنه يدعم مبدأ كتابيًا عامًّا: الخروج عن تصميم الله للجنس والنوع له عواقب أخلاقية وروحية.
غالبًا ما تتضمّن عروض "السحب" تمثيلات مبالغ فيها قد يُنظر إليها على أنها تسخر من الأنوثة أو تُهينها. يدعو الكتاب المقدس المسيحيين إلى معاملة جميع الناس بكرامة واحترام لأنهم مخلوقون على صورة الله (تكوين 1: 27). عندما يرتدي الرجال ملابس النساء بطريقة تُجسّد أو تُشهّر بالأنوثة، فإن ذلك يُعد تقليلًا من كرامة الجنس الذي خلقه الله بقصد ووظيفة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن اعتبار ممارسة "السحب" نوعًا من الخداع، وهذا مصدر قلق كبير من منظور مسيحي. يندد الكتاب المقدس بالخداع ويدعو إلى الأمانة والنزاهة في كل جوانب الحياة. يقول سفر الأمثال 12: 22: "شَفَتَا كَذِبٍ مَكْرَهَةُ الرَّبِّ، أَمَّا الْعَامِلُونَ بِالأَمَانَةِ فَرِضَاهُ". عندما يقدّم الرجل نفسه كامرأة، أو العكس، فإن ذلك يُعدّ خداعًا قد يُضلّل الآخرين بشأن الجنس الطبيعي للشخص.
وفي أفسس 4: 22–24، يحث بولس المؤمنين على "أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ... وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ". وهذا يعني رفض الممارسات المخادعة والامتناع عن تحريف حق الله. على المؤمنين أن يعيشوا حياة تعكس قداسة الله وبرّه.
ومع كل ذلك، يجب على المسيحيين أن يردوا على الاتجاهات الثقافية بمزيج من النعمة والحق. من الضروري التمسّك بالمبادئ الكتابية بشأن الهوية الجنسية والنوع، ولكن من الضروري أيضًا أن نُقابل الأفراد المنخرطين في ثقافة "السحب" بشفقة ورغبة في خلاصهم. وقد جسّد يسوع هذا التوازن في خدمته كلها (يوحنا 1: 17)، إذ كان يتحدث بالحق ضد الخطية، لكنه أيضًا أظهر رحمة عظيمة للضالين.
في يوحنا 8: 11، بعدما أنقذ يسوع امرأة زانية من الرجم، قال لها: "وَأَنَا لاَ أُدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا". لم يُنكر يسوع أن ما فعلته كان خطية، لكنه قدّم لها فرصة للتوبة والغفران. وبالمثل، يجب على المسيحيين أن يُشاركوا حق الله بشأن النوع والتعبير الجنسي، ولكن أيضًا أن يوجّهوا الناس نحو الرجاء والخلاص الموجود في المسيح.
English
كيف يجب أن ينظر المسيحي إلى ملكات السحب (Drag Queens) ؟