السؤال
ما هي البنائية؟
الجواب
مصطلح البنائية يحمل أكثر من معنى، اعتمادًا على السياق. فيما يتعلق بالكتاب المقدس، فإن التطبيقات ذات الصلة للبنائية تشمل أساليب التعليم أو نظرية المعرفة، وهي دراسة كيفية معرفتنا بما هو حقيقي. الاستخدامات الأخرى للمصطلح أقل صلة بالكتاب المقدس أو ذات تأثير أقل شمولية.
تبدأ جميع أشكال البنائية بفرضية أن البشر يفهمون كل شيء من خلال العلاقات. هذا مشابه لفكرة البنيوية (Structuralism) ولكنه يختلف عنها في نقاط هامة. تفترض البنيوية وجود وعي بموضوعات أو مفاهيم أكبر شاملة، من خلالها يتم فهم الأفكار الأخرى. أما البنائية فتطبق على مستوى أصغر، حيث تشير إلى أن تجاربنا تُعرّف حقائق معينة، وهذه الحقائق المُنشأة تتداخل لتبني فهمنا لبقية الأمور.
في مجال التعليم، تُعد البنائية منهجية شائعة. ورغم أنها نادرًا ما تُذكر صراحة، إلا أنها تُستخدم على نطاق واسع في أساليب التدريس. في هذا النهج، يُفترض أن الطلاب يتعلمون بشكل أفضل من خلال الممارسة والتجربة بدلاً من مجرد الاستماع إلى المعلم. وتشمل الأساليب التعليمية البنيوية الأنشطة العملية، واستخدام أسئلة سقراطية، واكتشاف الأفكار ذاتيًا. وكأي فلسفة تعليمية، للبنائية مؤيدون ومعارضون.
التطبيق التعليمي للبنائية له دعم من الكتاب المقدس. فالإيمان المسيحي يوصف غالبًا بأنه شيء يجب أن يُمارَس ويُعاش (يعقوب 2: 17-18) ويتم تطويره بالممارسة (عبرانيين 5:14). تعلم متابعة المسيح هو عملية شخصية (2 كورنثوس 13:5؛ 2 تيموثاوس 2:15)، وليس شيئًا يمكننا ببساطة التفكير فيه أو تقليده من الآخرين (متى 3:9؛ يوحنا 8:39-40). مفهوم الثقة، الذي يعرف به الكتاب المقدس "الإيمان"، يعتمد على شعورنا الشخصي بحضور الله وصفاته (إرميا 31:33). يمكن القول إن التجربة الشخصية تشكل جانبًا من العقلية البنيوية: يجب علينا أن نختبر بعض الأشياء بشكل شخصي لفهمها بعمق، وإدراكنا الناتج لتلك الأفكار يكون بالضرورة شخصيًا (1 كورنثوس 2:14).
أما في نظرية المعرفة، فإن مصطلح البنائية يصبح أقل قبولًا. نظرية المعرفة تشير إلى إحساسنا بما هو حقيقي؛ وهي تُعرف بأنها "فلسفة كيفية معرفتنا للأشياء." يميز الفلاسفة بين الأنطولوجيا (Ontology)، التي تدرس "ما هو موجود"، ونظرية المعرفة، التي تدرس "كيف (أو ما) نعرف." البنائية في نظرية المعرفة تقترح أن كل الحقائق تعتمد في النهاية على التجربة الإنسانية.
هذا المفهوم للبنائية يتعارض مباشرة مع فكرة وجود حقيقة موضوعية واحدة، وهو موقف يُعرف غالبًا بالموضوعية. يمكن تلخيص البنائية في نظرية المعرفة ببساطة على أنها ذاتية أو نسبية. في إطار النسبية، تعتمد الحقيقة على منظور كل شخص أو مجموعة، ولا يوجد معيار مطلق. من الناحية العملية، يعني هذا أن أي منظور ليس بالضرورة أفضل من الآخر، ولا يمكن اعتباره أكثر صحة أو أقل صحة.
وكما هو الحال مع جميع أشكال النسبية، فإن البنائية في نظرية المعرفة تعاني من عيب قاتل: فهي تتناقض مع ذاتها. إذا كانت البنائية صحيحة فقط لبعض الناس، فإنها ليست صحيحة للآخرين. ولكن هذا يعني أنها باطلة تمامًا، لأن الموضوعية تصبح الآن "حقيقية" في مكان ما. وبطريقة مشابهة، يدّعي البنائيون في نظرية المعرفة أنهم يقومون بما تدعي البنائية أنه غير ممكن: تجاوز قيود تجاربهم الخاصة لإدراك حقيقة عالمية.
بعيدًا عن المنطق البسيط، يقدم الكتاب المقدس أسبابًا لرفض البنائية في سياق نظرية المعرفة. يتحدث الكتاب المقدس عن الحقيقة مقابل الأكاذيب (أمثال 14:5؛ 1 يوحنا 1:6)، والخطيئة مقابل البر (أمثال 13:6؛ 1 بطرس 2:24)، والخلاص مقابل الهلاك (رؤيا 20:11-15؛ يوحنا 14:6).
باختصار، يشير الكتاب المقدس إلى وجود واقع فعلي موضوعي. كل ما يتعارض مع الحقيقة الموضوعية يُعتبر خاطئًا، سواء فهمه البشر أم لا، وسواء أحبوه أم لا (رومية 1:18-21؛ متى 7:21-23). قد يُشكل البشر فهمنا من خلال التأمل في تجاربنا، لكن تجاربنا لا يمكنها سوى كشف الحقيقة؛ ولا يمكنها خلقها.
English
ما هي البنائية؟