السؤال
هل هناك أي حقيقة في نظرية مؤامرة الكيمتريل؟
الجواب
لا يذكر الكتاب المقدس شيئًا عن "الكيمتريل"، بطبيعة الحال. لكن نظرًا لتزايد الحديث عنه بين الناس، من الجيد أن نتناول الموضوع. فعندما يحرق محرك الطائرة النفاثة الوقود، ينتج نفايات على شكل حرارة وغازات مختلفة، منها بخار الماء. وبما أن العادم يخرج بدرجة حرارة عالية، يبقى بخار الماء في حالته الغازية، وغالبًا لا يُرى بالعين المجردة. ولكن على ارتفاعات عالية، تؤدي قلة الضغط ودرجة الحرارة المنخفضة في الجو المحيط إلى تبريد البخار بسرعة، مكونًا خطًا مرئيًا من التكاثف — أي سحب صناعية خلف المحرك. يُعرف هذا التأثير البصري بـ"خط التكاثف"، وهو اختصار لـ"condensation trail".
أما مؤيدو نظرية المؤامرة، فيدّعون أن هذه الخطوط المتكاثفة من بخار الماء في السماء هي في الواقع مواد كيميائية خطرة تُرش عمدًا على السكان في الأسفل. وتفترض هذه المزاعم أن تلك الخطوط ليست "كونتريل" (خطوط تكاثف)، بل "كيمتريل" (خطوط كيميائية). بعضهم يظن أن هذه المواد تُستخدم لأغراض بيئية أو لمكافحة الآفات، كما تُرش المحاصيل الزراعية من الطائرات الصغيرة. بينما يخشى آخرون أن يكون هدف "الكيمتريل" أكثر شرًا. وفي جميع الحالات، تفترض نظرية الكيمتريل وجود محاولة سرية لنشر مواد كيميائية عبر الطائرات، باستخدام تأثير "الكونتريل" كغطاء.
وكما هو الحال في كل نظريات المؤامرة الزائفة العلمية، يملك مؤيدو "الكيمتريل" قائمة طويلة من "الحقائق" التي يظنون أنها تدعم وجهة نظرهم. على سبيل المثال، يلاحظ هؤلاء أن الخطوط تظهر أحيانًا بشكل منتظم. وقد لا توجد خطوط يومًا، ثم تملأ السماء في اليوم التالي. وأحيانًا تترك طائرة ما خطًا واضحًا بينما لا تترك أخرى في نفس المنطقة خطًا. ويدّعون أن المحركات الحديثة الأكثر كفاءة يجب أن تترك أثرًا أقل أو لا تترك شيئًا على الإطلاق.
لكن الفحص الدقيق للحقائق لا يدعم الجدل حول "الكيمتريل". فحركة الطائرات تخضع لتوجيه من أبراج المراقبة الجوية ضمن مسارات محددة، وهذا ما يجعل الخطوط تظهر في أنماط متوازية. كما أن ظروف الجو مثل الرطوبة والضغط تلعب دورًا كبيرًا في تكوّن خطوط التكاثف، تمامًا كما تؤثر في تكوّن السحب الطبيعية. وهذا ما يفسر التغير اليومي في تكوّن الخطوط، ويشرح لماذا قد تترك طائرات تطير على ارتفاعات مختلفة خطوطًا مختلفة، بغض النظر عن كفاءة المحرك.
وهناك نقاط علمية أخرى، أكثر تعقيدًا، تُضعف من مصداقية نظرية "الكيمتريل". إذ أن خطوط التكاثف الطبيعية تتشكل على مسافة خلف المحرك عندما يبرد بخار الماء. هذا ظاهر في صور الطائرات على ارتفاعات عالية. أما المواد الكيميائية التي تُرش فلن تترك هذا الفراغ، كما أن حرارة وضغط العادم النفاث سيُتلف أي بنية كيميائية معقدة. كما أن العوامل الحيوية، كالعناصر البيولوجية، ستُقتل إما بحرارة التبخير، أو ببرودة الغلاف الجوي العلوي، أو بصدمة التبريد السريع. وأي مادة يتم رشها على هذا الارتفاع ستتشتت وتنحرف لمسافات طويلة قبل أن تصل إلى الأرض، ما يجعل تأثيرها معدومًا تقريبًا.
وما هو أسوأ لمؤيدي "الكيمتريل" هي المشاكل التي تواجه أي مؤامرة واسعة النطاق. إذ تتطلب النظرية تعاونًا وسرية من عشرات الآلاف من الأشخاص في مختلف المجالات، بدءًا من المسؤولين الحكوميين وصولًا إلى فرق الصيانة والطيارين وغيرهم. ومن غير المعقول أن يتمكن هذا العدد الكبير من الأشخاص من الحفاظ على سر كهذا دون تسريب، ولو بعد حين.
وكما في معظم نظريات المؤامرة، تغفل نظرية "الكيمتريل" عن وسائل أبسط لتحقيق أهداف خبيثة. فلو أرادت جهة ما نشر مواد كيميائية بين السكان، لكانت الوسائل الأرضية أسهل وأرخص وأكفأ، كما أنها أكثر سرية وأقل عرضة للتسريب.
للأسف، فإن مثل هذا النوع من "العلوم الزائفة المهووسة" شائع في المجتمعات البشرية. ولا ينبغي لنا أن نمنحه اهتمامًا أو قلقًا أكثر مما يستحق (2 تيموثاوس 2: 23). ويدعو الكتاب المقدس المؤمنين إلى فحص ما يسمعونه بدقة (أعمال الرسل 17: 11)، وممارسة الشك المعقول (1 تسالونيكي 5: 21)، وتجنب الانسياق وراء الأفكار لمجرد أنها تروق لهم (2 تيموثاوس 4: 3). وعلى الرغم من المخاوف والمزاعم من بعض غير المطلعين، لا يوجد أي دليل يثبت صحة نظرية "الكيمتريل".
English
هل هناك أي حقيقة في نظرية مؤامرة الكيمتريل؟