السؤال
ما هي عبادة الكتاب (Bibliolatry) ؟
الجواب
مصطلح عبادة الكتاب (Bibliolatry) يأتي من دمج الكلمتين اليونانيتين "الكتاب" و"العبادة". وفي السياق المسيحي، تُعرّف ببساطة بأنها عبادة الكتاب المقدس. وغالبًا ما تُستخدم تهمة عبادة الكتاب كوسيلة هجومية ضد من يتمسكون بعصمة الكتاب، وعدم قابليته للخطأ، وسلطانه الأعلى. وتُستعمل في الغالب كلغة تحقيرية وهجومية ضد المؤمنين بمبدأ الكتاب وحده (Sola scriptura) أو التفسير الحرفي للكتاب المقدس.
ومن المهم أن نلاحظ أن تهمة عبادة الكتاب لا تزعم أن بعض المسيحيين يركعون فعليًا أمام الكتاب ويعبدونه كأنه صنم. ربما يوجد طائفة غريبة تقوم بذلك حرفيًا، لكن هذا ليس المقصود بالتهمة الشائعة. التهمة في جوهرها تدّعي أن بعض المسيحيين يرفعون الكتاب إلى مرتبة مساوية لله، أو إلى درجة أن دراسة الكتاب صارت عندهم أهم من إقامة علاقة شخصية حميمة مع يسوع المسيح. فهل هذه التهمة صحيحة؟
أولًا، من المهم أن نفهم ما يقوله الكتاب المقدس عن نفسه. يعلن 2 تيموثاوس 3: 16–17: "كُلُّ ٱلْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ ٱللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ، وَلِلتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ، وَٱلتَّأْدِيبِ ٱلَّذِي فِي ٱلْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ ٱللهِ كَامِلًا، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ". فإذا كان الكتاب "موحًى به من الله"، و"الله لا يكذب" (تيطس 1: 2)، فهذا يعني أن كل كلمة في الكتاب صادقة. الإيمان بأن الكتاب معصوم وغير قابل للخطأ وله سلطان مطلق ليس عبادة للكتاب، بل هو ببساطة تصديق لما يقوله الكتاب عن نفسه. بل في الحقيقة، الإيمان بما يقوله الكتاب عن نفسه هو في جوهره عبادة لله الذي أوحى بكلمته. فالله الكامل، المعصوم، القادر على كل شيء، الحاضر في كل مكان، والعليم بكل شيء وحده هو القادر على تقديم إعلان مكتوب يكون هو نفسه كاملًا ومعصومًا.
هل يبالغ بعض المؤمنين في التركيز على الكتاب إلى درجة إهمال عناصر أخرى مهمة مثل التقليد، أو الطبيعة، أو العقل، أو الخبرة؟ نعم، يحدث ذلك. ومع ذلك، فإن الكتاب المقدس، بناءً على ما يقوله عن نفسه، يجب أن يكون السلطان الأعلى على جميع هذه الأمور، ويجب أن يُستخدم لقياسها واختبارها. فالله لا يمكن أن يناقض نفسه بالكشف عن أمر في الطبيعة أو العقل أو الخبرة يتعارض مع ما أعلنه في كلمته. فالكتاب المقدس لا يجب أن يُعبَد، لكن يجب عبادة إله الكتاب. أما تجاهل ما أعلنه الله عن نفسه في كلمته وبدلًا من ذلك تمجيد "إعلانات" الطبيعة أو العقل أو الخبرة الذاتية فهو عين العبادة الوثنية (رومية 1: 18–25).
الكتاب المقدس ليس هو الله، ولا يحتوي على كل معرفة الله. صحيح أن الكتاب يعطي مبادئ تنطبق على كل موقف، لكنه لا يقدم لنا كل تفصيل نحتاجه لحياتنا اليومية. المشكلة أحيانًا أن بعض المسيحيين يبالغون في تطبيق عبارة "الكتاب قال، إذًا هذا يحسم الأمر، وأنا أصدق". وبينما هذه العبارة صحيحة تمامًا ويجب أن تعكس نظرتنا للكتاب، إلا أن كلمة الله لا تطلب منا أن نهجر عقولنا أو نتجاهل خبراتنا. فالعقل السليم يتوافق تمامًا مع الكتاب المقدس. والخبرة يمكن أن تساعدنا في فهمنا للكتاب. وبينما يجب أن يكون الكتاب سلطتنا العليا، يجب علينا أيضًا استخدامه لاختبار والتأكد من الاستنتاجات التي نصل إليها باستخدام عقلنا الموهوب من الله وخبرتنا الموجَّهة من الله (1 بطرس 3: 15).
الإيمان بما يقوله الكتاب عن نفسه ليس عبادة للكتاب. بل هو في حقيقته عبادة لله الذي أوحى بكلمته.
English
ما هي عبادة الكتاب (Bibliolatry) ؟