السؤال
هل وردت حالات قطع للرؤوس في الكتاب المقدس؟
الجواب
نعم، هناك العديد من حالات قطع الرؤوس الموثقة في الكتاب المقدس. كان قطع الرأس أسلوبًا شائعًا في الإعدام لدى الثقافات القديمة. وكان يُستخدم كوسيلة لإعلان النصر الكامل على العدو. فعرض رأس العدو المقطوع كان يترك انطباعًا واضحًا بأن هذا العدو لم يعد يمثل تهديدًا.
في العهد الجديد، تُعد حادثة قطع رأس يوحنا المعمدان من أبرز الحوادث، وقد حدثت بأمر من هيرودس أنتيباس (متى 14: 10). كان يوحنا قد وبّخ هيرودس علنًا بسبب فساده الأخلاقي (إذ أخذ زوجة أخيه، هيروديا، والتي كانت أيضًا ابنة أخيه). وقد أغضب هذا التوبيخ هيروديا بشدة، فخدعت زوجها واستدرجته ليعدها، أمام الضيوف، برأس يوحنا المعمدان على طبق (متى 14: 8). ورغم أن هيرودس لم يكن يريد قتل يوحنا، فقد أوفى بوعده أمام الناس حفاظًا على ماء وجهه (مرقس 6: 17–29). وبعد عدة سنوات، قُطع رأس يعقوب أخي يوحنا على يد هيرودس أغريباس الأول، في محاولة للحد من انتشار المسيحية (أعمال الرسل 12: 2).
أما في العهد القديم، فأشهر حالات قطع الرأس هي عندما قتل داود جليات في صموئيل الأول 17. كان جليات يتحدى جيش إسرائيل يومًا بعد يوم، لكن داود الشاب واجهه بالمقلاع وقوة الرب (صموئيل الأول 17: 45). فأصاب الحجر الأول جبهة جليات، وسقط العملاق، ثم ركض داود إليه، واستل سيفه وقطع رأسه (الآية 51).
وفي حادثة أخرى، حزن الملك داود عندما ظن رجاله أنهم يسعدونه بقتل وقطع رأس إشبوشت، أحد أبناء شاول المتبقين (صموئيل الثاني 4: 7–8). أحضر القتلة رأس إشبوشت إلى داود متوقعين مكافأة، لكن داود استاء بشدة لأنهم قتلوا رجلًا بريئًا في بيته. وبدلًا من تكريمهم، أمر بإعدامهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وعلّقها تحذيرًا لكل من يقتل الأبرياء من أجل مكاسب سياسية (صموئيل الثاني 4: 12).
أما في الملوك الثاني 10، فنجد حادثة قطع جماعي للرؤوس عندما أمر الله بإزالة الملك الشرير أخآب عن العرش، وأمر بقتل جميع أبنائه وأتباعه. فقد مسح الله، عبر النبي أليشع، ياهو ملكًا على إسرائيل، وأمره بإزالة كل بقايا حكم أخآب الشرير، بما في ذلك عابدي البعل (الملوك الثاني 9: 1–10). أطاع ياهو، فذبح أولًا سبعين من أبناء الملك وقطع رؤوسهم، ووضعها على باب مدينة السامرة (الملوك الثاني 10: 7–8). ثم دعا ياهو إلى مهرجان زائف لجمع كل عبدة البعل في مكان واحد، وعندما اجتمعوا في البناء، أمر رجاله بقتلهم جميعًا بـ"حد السيف"، وهو تعبير قد يشير إلى قطع الرأس (الآية 25).
ومن الحالات الأخرى التي ورد فيها قطع الرؤوس في الكتاب المقدس: الخباز المصري الذي أمر فرعون بقطع رأسه (تكوين 40: 20)، وشاول الملك الذي قطع الفلسطينيون رأسه (صموئيل الأول 31: 8–10)، وشبع الذي قطعه أهل مدينة آبل بيت معكة (صموئيل الثاني 20: 21–22). كما هدد أبشاي بقطع رأس شمعي، لكن داود منعه (صموئيل الثاني 16: 9–10). أما أشفنز، رئيس الخصيان في بابل، فقد أبدى خوفه من أن يقطع نبوخذنصر رأسه (دانيال 1: 10). ومن الحوادث الرمزية المميزة، "قطع رأس" الإله الفلسطيني داجون، عندما وضع الفلسطينيون تابوت العهد في هيكل داجون، ثم في صباح اليوم التالي وُجد داجون ساقطًا و"رأس داجون ويداه مقطوعة ومطروحة على العتبة" (صموئيل الأول 5: 4)، في إشارة واضحة إلى انتصار الرب الإله على الآلهة الباطلة.
قطع الرؤوس ليس أمرًا جديدًا، ووفقًا لرؤيا يوحنا 20: 4، سيستمر هذا النوع من الإعدام وسيتزايد حتى مجيء المسيح الثاني. إذ سيتم قطع رؤوس شهداء الضيق العظيم لأنهم يرفضون أخذ علامة الوحش أو إنكار يسوع كرب. ونرى هذا النوع من الاستشهاد يتكرر في عالمنا اليوم، حيث تنتشر التيارات المتطرفة التي تعادي الحق. وكما في الأزمنة الكتابية، يُستخدم قطع الرأس لإرهاب الأعداء وإسكات المعارضين. لكن الحق لا يُمكن إسكاتُه (لوقا 19: 40). علينا أن نتذكر أن يسوع قال: "ثقوا: أنا قد غلبت العالم" (يوحنا 16: 33)، حتى عندما يتفاخر الأشرار بأعمالهم الوحشية.
English
هل وردت حالات قطع للرؤوس في الكتاب المقدس؟