السؤال
هل أعطتنا الكنيسة الكاثوليكية الكتاب المقدس؟
الجواب
الادعاء بأن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية "أعطتنا الكتاب المقدس" يُكرَّر كثيرًا، لكنه عند الفحص التاريخي والكتابي الدقيق يتبيّن أنه مضلِّل. ففي حين يجادل المدافعون الكاثوليك بأن سلطة مؤسستهم هي السبب في أن لدى المسيحيين قانونًا محددًا للأسفار المقدسة، فإن الحقيقة هي أن سلطة الكتاب المقدس لا تقوم على قرارات الكنيسة، بل على الوحي الإلهي من الله نفسه. فالكنيسة في أي عصر لا تخلق الكتاب المقدس، بل فقط تعترف بما أعلنه الله بالفعل.
أولاً، يشهد الكتاب المقدس نفسه على أصله الإلهي. فقد كتب بولس في (2 تيموثاوس 3: 16–17): "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملًا، متأهبًا لكل عمل صالح." وقبل أن توجد المجامع المسكونية أو الهيكلية الكنسية الرومانية، كانت كتابات موسى والأنبياء، ولاحقًا رسل المسيح، تحمل سلطة لأنها كانت كلمة الله نفسها. فمصدر الكتاب المقدس لا يكمن في اعتماد مؤسسي، بل في عمل الله في الإعلان والوحي.
ثانيًا، كان قانون العهد القديم معترفًا به جيدًا قبل تجسد المسيح. فقد حفظ الشعب اليهودي الشريعة والأنبياء والكتابات، وأشار يسوع نفسه إلى هذه الأقسام الثلاثة في (لوقا 24: 44). وقد اقتبس يسوع من العهد القديم مرارًا، مبينًا قبوله لسلطته ودوره الراسخ كأسفار مقدسة في اليهودية في القرن الأول. هذا القانون لم تحدده الكنيسة الكاثوليكية، بل كان قائمًا بين شعب الله منذ قرون طويلة.
ثالثًا، كانت كتابات العهد الجديد معترفًا بها كأسفار مقدسة في أثناء حياة الرسل ومباشرة بعدهم. فقد أشار بطرس إلى رسائل بولس باعتبارها من ضمن الأسفار المقدسة في (2 بطرس 3: 15–16)، مساويًا إياها بالعهد القديم في السلطان. وقد انتشرت الكتابات الرسولية والنبوية على نطاق واسع، وكانت تُقرأ علنًا في الكنائس (كولوسي 4: 16؛ 1 تسالونيكي 5: 27)، وكان المؤمنون يعترفون بها كوحي إلهي. وعندما عقدت المجامع الكنسية في أواخر القرن الرابع، مثل مجمعي هيبو (393) وقرطاجة (397)، وأدرجت قانون العهد الجديد رسميًا، لم تكن تمنح هذه الأسفار سلطتها، بل كانت تعترف بما عامله المسيحيون في أنحاء الإمبراطورية الرومانية منذ زمن طويل على أنه كلمة الله.
إن القول بأن الكنيسة الكاثوليكية "أعطت" الكتاب المقدس هو خلط بين الاعتراف والخلق. فالمجامع لم تصنع الوحي، وروما لم تمنح الأسفار سلطة إلهية. الله هو الذي أوحى بكلمته، وشعبه هو الذي قبلها. الكنيسة تخدم الكتاب المقدس، لا العكس. ويوضح (إشعياء 40: 8): "ييبس العشب، ويذبل الزهر، وأما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد." كانت كلمة الله حقًا أبديًا قبل أن يوجد أي هيكل كنسي.
أخيرًا، إن الادعاء الكاثوليكي ينقل السلطة خفيةً من كلمة الله المعصومة إلى أيدي الكنيسة كمؤسسة. وهذا يقوّض المبدأ الذي أكده المسيح ورسله، وهو أن كلمة الله هي السلطة النهائية. فقد وبّخ يسوع الفريسيين لأنهم رفعوا التقاليد البشرية لتكون مساوية لكلمة الله أو أعلى منها (مرقس 7: 8–9). والقول إن الكتاب المقدس يعتمد على موافقة روما يكرر الخطأ نفسه، إذ يخضع الإلهي للبشري.
لذلك، من غير الصحيح تاريخيًا ولا لاهوتيًا القول إن الكنيسة الكاثوليكية هي التي أعطتنا الكتاب المقدس. فالأسفار المقدسة تستمد سلطتها من الله وحده. والكنيسة اكتفت بالتعرف على صوت الراعي في كلمته (يوحنا 10: 27). الكتاب المقدس هو عطية من الله، لا اختراعًا من المجامع البشرية، وسلطانه يتجاوز ادعاءات أي مؤسسة أرضية.
English
هل أعطتنا الكنيسة الكاثوليكية الكتاب المقدس؟