السؤال
ما هي أهمية بيريّة في الكتاب المقدس؟
الجواب
لم تُذكر بيريّة بالاسم صراحةً في الكتاب المقدس، لكنها تُشار إليها كثيرًا كمكان "عبر" أو "ما وراء" الأردن (متى 4: 15، 25؛ 19: 1؛ مرقس 3: 8؛ 10: 1؛ لوقا 6: 17؛ يوحنا 1: 28–29؛ 3: 26؛ 10: 40). زار كل من يسوع ويوحنا المعمدان بيريّة أثناء خدمتهما، وكانت المنطقة تحت حكم هيرودس الكبير ثم هيرودس أنتيباس.
لا يقدم الكتاب المقدس تفاصيل جغرافية دقيقة عن بيريّة، لكن المؤرخ اليهودي يوسيفوس ذكرها في كتابه "حروب اليهود"، وشرح أن بيريّة تضم مناطق صحراوية قاسية إضافة إلى أراضٍ مزروعة بالزيتون والعنب والنخيل، ويصف بيريّة بأنها تمتد من مخايروس إلى بيلا، وعرضها من فيلادلفيا إلى نهر الأردن، وحدودها الشمالية مع بيلا، والجنوبية مع أرض مؤاب، والشرقية مع العرب وسيلبونيتيس وفيلادلفين وجراسا (الكتاب الثالث، الفصل 3.3).
تشير أسفار العهد القديم إلى أن قبائل جاد، ورآوبين، ونصف سبط منسّى استقروا في الجزء الجنوبي من بيريّة، رغم أن الاسم لم يُذكر تحديدًا (يشوع 1: 12–14). ويرى كثير من المفسرين أن بيريّة تتطابق تقريبًا مع منطقة جلعاد في العهد القديم، استنادًا إلى يشوع 22: 9 الذي يقول: "فترك الرأوبينيون والجاديون ونصف سبط منسّى بني إسرائيل في شيلو في كنعان، ورجعوا إلى جلعاد أرضهم".
في العهد الجديد، كانت بيريّة منطقة زارها المسيح، ويتحدث العديد من المفسرين عن "خدمة يسوع البيريّة"، مقابل خدمته في يهوذا والجليل. وكان الطريق المعتاد بين الجليل ويهوذا يمر عبر بيريّة، متجنبًا السامرة. من المرجح أن يسوع زار بيريّة خلال فترة خدمته الموثقة في لوقا 9: 51–18: 34، رغم أن كثيرًا من أحداث هذا القسم وقعت خارج بيريّة. كما يُعتقد أن يسوع زار بيريّة في متى 19: 1 ويوحنا 10: 40، حيث يُذكر أن يسوع "ترك الجليل وذهب إلى منطقة يهوذا عبر الأردن، فتبعته جموع كثيرة، وشفاهم هناك".
ذهب يوحنا المعمدان أيضًا إلى بيريّة أثناء خدمته، ومن الواضح أنه عمد الناس في بيريّة، إذ يشير الكتاب المقدس إلى أنه عمد عند نهر الأردن في بيت عنيا، وهي مدينة بيريّة (يوحنا 1: 28؛ 3: 26؛ 10: 40). ولا ينبغي الخلط بين هذه بيت عنيا وبيت عنيا المجاورة للقدس حيث كانت تقيم مريم ومرثا. كما يُعتقد أن يوحنا المعمدان دُفن في بيريّة، حيث قطع رأسه في مدينة مخايروس البيريّة، وفقًا ليوسيفوس (تاريخ اليهود، الجزء الثامن عشر، 5. 2).
في القرن الأول، كانت مدينة بيلا البيريّة ملاذًا للكنائس المسيحية حين هاجم الرومان أورشليم. فقد هرب المسيحيون من أورشليم إلى بيلا عندما حاصرها الرومان، ودمروا المدينة والهيكل عام 70 م. وكان يسوع قد تنبأ بهذا الدمار قائلاً: "كان بعض تلاميذه يعلقون على جمال أحجار الهيكل والهدايا المكرسة لله، فقال لهم يسوع: أما ما ترونه هنا، فسيأتي وقت لا يُترك فيه حجر على حجر، بل يُطرح كل حجر عن مكانه" (لوقا 21: 5–6). وكانت بيلا في منطقة بيريّة ملجأ للكنائس المسيحية في ذلك الوقت.
نظرًا لموقعها المركزي وارتباطها بنهر الأردن، كانت بيريّة منطقة ذات أثر كبير في العهدين القديم والجديد. ورغم عدم ذكرها بالاسم صراحةً في الكتاب المقدس، فإن هذه الأرض "عبر الأردن" مهمة بسبب دورها في تاريخ إسرائيل وفي خدمات يسوع ويوحنا المعمدان.
English
ما هي أهمية بيريّة في الكتاب المقدس؟