السؤال
من هو لوط في الكتاب المقدس؟
الجواب
كان لوط حفيد تاران، ابن هاران، وابن أخ أبرام (إبراهيم). يُحتمل أنه وُلد في أور الكلدانيين. توفي والد لوط، هاران، فجأة، فتبناه باقي أفراد العائلة.
في وقت ما، وربما بعد وفاة هاران مباشرة، قرر جد لوط، تاران، نقل عائلته كلها إلى كنعان، لكنهم استقروا في حاران بدلاً من ذلك. وبعد وفاة تاران، خاطب الرب أبرام وأمره بأن يستأنف الرحلة إلى كنعان، ووعده بأن يجعله أمة عظيمة (تكوين 12: 1-3). انطلق أبرام في هذه الرحلة ورافقه لوط.
عندما وصلا إلى بيت إيل، حدث نزاع بين رعاة أبرام ورعاة لوط بسبب نقص الأرض الكافية لرعي أغنام كل منهم. فاقترح أبرام على لوط أن ينفصل كل منهما عن الآخر، ويختار لوط أولاً الأرض التي يريدها (تكوين 13: 8-9). اختار لوط الأرض الخصبة القريبة من نهر الأردن. أما أبرام فاختار الأرض الأخرى، وترك لوط عمه واستقر بقرب مدينة سدوم الخاطئة (الآية 12).
سرعان ما لحقت بعواقب اختيار لوط الأناني. كان هناك خمسة ملوك في المنطقة (ملوك سدوم وعمورة وأدما وزبويم وبيلا) كانوا خاضعين لملك كدرلعمر، فتمردوا عليه (تكوين 14: 4). لكن كدرلعمر جمع حلفاءه وهزم الملوك المتمردين. استولى المنتصرون على كل ممتلكات مدينتي سدوم وعمورة، وأخذوا لوط وعائلته كجزء من الغنيمة (الآية 12). عندما سمع أبرام بالأمر، هاجم جيش كدرلعمر ليلاً وانتصرت قواته. استعاد لوط وعائلته وكل الغنائم التي أخذها الجيش من سدوم وعمورة (الآية 16). عاد لوط بعدها إلى سدوم.
لكن معاناة لوط لم تنتهِ هناك. كانت سدوم مدينة شريرة جداً، ورغم أن لوط كان يُعتبر رجلاً باراً (2 بطرس 2: 7-8)، سمح لعائلته بأن تتأثر بثقافة المدينة. قرر الله أن يدمر سدوم وعمورة والمدن الأخرى بسبب خطاياهم الكبيرة، لكن بنعمته أرسل ملاكين إلى سدوم ليخلّصوا لوط وعائلته من مصير المدينة. عندما كان لوط جالسًا عند مدخل المدينة، رأى الملاكَين وظنّهما رجالًا عاديين، فدعاهم للإقامة في منزله (تكوين 19: 1-2). قال الملاكان إنهما سيقيمان في ساحة المدينة، لكن لوط أصر بقوة لأن سكان المدينة كانوا خطرين. قبل الملاكان الدعوة، وأعد لوط لهما الطعام ومكانًا للنوم.
قبل حلول الليل، تجمع رجال كثيرون من جميع أنحاء المدينة عند بيت لوط، طالبين تسليم ضيوفه ليقوموا معهم بأفعال شاذة (تكوين 19: 4-5). هنا يظهر تأثير المدينة على لوط، إذ عرض بناته الاثنتين بدلاً من ضيوفه لحمايتهم (الآية 8). لكن الرجال لم يقبلوا، وحاولوا اقتحام البيت. أسرع الملاكان بسحب لوط إلى الداخل، وأغلقا الباب، وضربا الرجال في الخارج بالعمى. وأمرا لوط بجمع عائلته والفرار فورًا، لأنهم سيُدمرون المدينة بالكامل (الآيات 12-13).
تحدث لوط إلى صهاريه، لكنهم رفضوا الرحيل، معتبرين تحذيره مزحة (تكوين 19: 14). وعندما اقترب وقت الهلاك، كان لوط متردداً، فاضطر الملاكان إلى أخذه وزوجته وابنتيه بالقوة من المدينة (الآية 16). طلب لوط الإذن بالذهاب إلى مدينة صغيرة قريبة اسمها صوع، بدلاً من الذهاب إلى الجبال، فأذن الله له ووعد بحفظ تلك المدينة من الدمار لأجله (الآيات 17-20). أثناء الفرار، نظرت زوجة لوط إلى سدوم بحب ولهفة، فحوّلها الله إلى عمود ملح (الآية 26؛ انظر لوقا 17: 30-33).
بعد دمار سدوم وعمورة، خاف لوط من البقاء في صوع، فاستقر في الجبال مع بناته. وكان معدماً فقد خسر كل شيء في دمار سدوم، فكانوا يعيشون في كهف (تكوين 19: 30). هناك خططت بناته خطة مزعجة لاستمرار نسل العائلة، إذ سكرن والدهن حتى لا يدرك ما يفعلن، ثم نامتا معه (الآيات 31-32). حبلت كلتاهما وأنجبا ولدين، اسميهما موآب وبنعمي، واللذان أصبحا أبا الموآبيين والعَمونيين (الآيات 37-38). بعد سنوات كثيرة، عندما كان الإسرائيليون في طريقهم إلى الأرض الموعودة، أمر الله شعبه بأن يحترموا الموآبيين والعَمونيين لأجل لوط (تثنية 2: 9، 19).
تُظهر حياة لوط الكثير من عواقب الطمع والتأثر السلبي ببيئة خاطئة. لوط عرف الله، لكنه اختار أن يعيش بين أشخاص قادوا عائلته إلى الخطيئة والركود الروحي. ومع ذلك، تبرز قصة لوط أيضًا رحمة الله العظيمة، إذ رغم خيارات لوط السيئة، حفظه الله وحفظ بناته من نهاية عنيفة في سدوم وحفظ نسله عبر الأجيال.
English
من هو لوط في الكتاب المقدس؟