السؤال
من هو يهوذا المكابي؟
الجواب
كان يهوذا المكابي كاهنًا قاد الثورة ضد الإمبراطورية السلوقية في إسرائيل في القرن الثاني قبل الميلاد.
عندما يُختتم العهد القديم، يكون شعب إسرائيل قد عاد من السبي البابلي، وبدأت أعمال إعادة البناء. أعاد نحميا بناء سور أورشليم، وبدأ عزرا بإعادة الشعب إلى الإخلاص ليهوه. كما أُعيد بناء الهيكل، رغم أنه لم يكن بمستوى فخامة هيكل سليمان (عزرا 5). في زمن ملاخي، وهو آخر نبي في العهد القديم، كان الهيكل يعمل مجددًا وتُقدَّم فيه الذبائح، رغم أن الشعب لم يكن غيورًا على الرب وكان يقدِّم ذبائح من حيوانات معيبة.
بين ملاخي ومجيء يوحنا المعمدان، تمر حوالي 400 سنة. لم يكن هناك خلالها إعلان نبوي رسمي، ولكن كانت هناك أحداث كثيرة. يهوذا المكابي هو من هذه الفترة التي تُعرف أحيانًا بـ"الفترة الصامتة" لأنه لم يكن هناك صوت نبوي، وتُسمى أيضًا "الفترة بين العهدين" لأنها تغطي الزمن بين العهدين القديم والجديد.
يُختتم العهد القديم حوالي سنة 400 ق.م. ثم يغزو الإسكندر الأكبر معظم العالم المعروف آنذاك ويموت في سنة 323 ق.م. وبعد موته، يُقسم إمبراطوره بين قواده الذين أسّسوا سلالات حكم خاصة بهم. حكم بطليموس (أحد القادة) في مصر، وحكم سلوقس (قائد آخر) في مناطق تشمل سوريا. كانت هاتان السلالتان في صراعات متكررة، وإسرائيل كانت في موقع جغرافي حساس بينهما.
حكم البطالمة لفلسطين كان متسامحًا مع الممارسات الدينية اليهودية. لكن السلالة السلوقية سيطرت لاحقًا وبدأت بتقييد هذه الممارسات. في سنة 175 ق.م، تولّى أنطيوخوس الرابع الحكم في الدولة السلوقية، ولقّب نفسه بـ"أبيفانيس" أي "تجلّي الإله". بدأ يضطهد اليهود بشدة، فحرّم الممارسات الدينية اليهودية (بما فيها قوانين الطعام) وأمر بعبادة زيوس. وبلغت ذروة تدنيسه حين قدّم خنزيرًا كذبيحة لزيوس في الهيكل في أورشليم سنة 167 ق.م. كانت هذه الأحداث مقدّمة لثورة يهوذا المكابي.
كان هناك تيار من المعارضة اليهودية المخلصة طوال الوقت، لكن تدنيس الهيكل أثار مقاومة مفتوحة. ماتتياس، كاهن يهودي، بدأ المقاومة المنظمة مع أبنائه الخمسة: يوحنا جادي، سمعان تاسي، أليعازر أفاران، يوناثان أفّوس، ويهوذا المكابي. بدأ ماتتياس الثورة بقتل يهودي كان سيقدم ذبيحة وثنية وقتل الضابط الملكي، ثم هرب مع عائلته إلى التلال حيث انضم إليهم العديد من اليهود المخلصين. ومن هناك شنّوا حرب عصابات ضد السلوقيين. عند موت ماتتياس سنة 166 ق.م، تولّى ابنه يهوذا المكابي قيادة الثورة. ورأى نفسه قائدًا على غرار موسى ويشوع وجدعون.
واصل يهوذا المكابي الثورة بنجاح، وتمكن اليهود من استعادة أورشليم وتكريس الهيكل من جديد حوالي سنة 164 ق.م (ومن هذا الحدث جاء عيد الحانوكا). ثم وسّع يهوذا القتال إلى الجليل لاستعادة كامل الأراضي اليهودية. وفي سنة 164 مات أنطيوخوس أبيفانيس، ووافق ابنه وخليفته أنطيوخوس يوباتور على السلام والسماح بعودة الممارسات اليهودية. لكن الحرب عادت من جديد، وطلب يهوذا الدعم من القوة الصاعدة آنذاك، روما، لطرد السلوقيين نهائيًا. توفي يهوذا المكابي حوالي سنة 161، وخلفه شقيقه يوناثان. وأخيرًا، وتحت قيادة يوناثان، أُبرم السلام مع الملك السلوقي الإسكندر بالا حوالي سنة 153 ق.م.
رغم أن يهوذا المكابي لم يبدأ الثورة ولا أنهى تحقيق أهدافها، إلا أنه يُعتبر الشخصية المحورية فيها. يُشتق اسم "مكابي" من الكلمة العبرية التي تعني "المطرقة"، ويُعرف غالبًا بـ"يهوذا المطرقة". وبعد موته، أصبح اسم "مكابي" لقبًا لعائلته، لذا يُشار إلى إخوته ووالده أيضًا باسم "المكابيين" (ويُعرفون كذلك بالـ"حشمونيين")، وتُعرف الثورة باسم "ثورة المكابيين".
تُسجَّل أحداث هذه الثورة في كتاب "آثار اليهود" للمؤرخ يوسيفوس، وفي الكتابين الأبوكريفيين "المكابيين الأول" و"المكابيين الثاني".
English
من هو يهوذا المكابي؟