السؤال
ما هي أهمية مدينة جت في الكتاب المقدس؟
الجواب
تُعد جت واحدة من خمس مدن رئيسية تابعة للفلسطينيين قبل أن يستولي عليها الإسرائيليون (يشوع 13: 3؛ صموئيل الأول 5: 7–10؛ 6: 17). وتعني كلمة "جت" "معصرة عنب". ورغم أن العلماء لا يعرفون موقعها بدقة، فإن جت كانت تقع في مكان ما على الحدود بين يهوذا وفلسطين (صموئيل الأول 21: 10؛ أخبار الأيام الأول 18: 1).
وقد استقر العناقيون، وهم جنس من العمالقة الباقين من السكان الكنعانيين الأوائل، في جت بعد أن طردهم يشوع من أرض الموعد (يشوع 11: 22). وتُعرف جت أساسًا بأنها موطن العملاق جليات الذي قُتل على يد داود، البطل غير المتوقع (صموئيل الأول 17: 4). ولاحقًا في حياته، قاد داود سلسلة من المعارك ضد الفلسطينيين؛ وفي تلك المعارك قُتل أربعة من العمالقة الذين كانوا يعيشون في جت (صموئيل الثاني 21: 22)، ومن بينهم رجل وُصف بأنه "ذو بأس وكان في كل من يديه ستة أصابع، وفي كل من رجليه ستة أصابع، أربع وعشرون عدداً. وكان هو أيضاً قد وُلد للعناقيين" (صموئيل الثاني 21: 20).
وعندما هزم الفلسطينيون بني إسرائيل في زمن عالي الكاهن، استولوا على تابوت العهد وأخذوه إلى أشدود ووضعوه في هيكلهم الوثني، بجانب تمثال إلههم داجون. وبعد أن كسر الله تمثال داجون وضرب شعب أشدود بالأورام، أرسلوا التابوت إلى جت، لكن المصيبة تبعتهم: "وكان بعد ما نقلوه أن يد الرب كانت على المدينة باضطرابٍ عظيم جداً، وضرب أهل المدينة من الصغير إلى الكبير ونفرت لهم البواسير" (صموئيل الأول 5: 9). فطالب شعب جت بنقل التابوت مجددًا، وفي النهاية أعاده الفلسطينيون إلى بني إسرائيل.
وفي وقت لاحق، أصبحت جت ملجأ لداود عندما هرب من الملك شاول الذي كان يحاول قتله (صموئيل الأول 21: 10–15؛ راجع مزمور 56). وكان أخيش ملك جت متحفظًا تجاه داود، إذ سمع عن إنجازاته في الحروب. وخوفًا على حياته، تظاهر داود بالجنون لكي يُبعِده الملك الفلسطيني (صموئيل الأول 21: 12–13).
وبعد المزيد من المواجهات مع شاول، فر داود مرة أخرى إلى جت، قائلاً: "إني في يومٍ من الأيام سأُهلك بيد شاول. فلا شيء خير لي من أن أفلت إلى أرض الفلسطينيين، فييأس شاول مني ولا يبحث عني بعد في جميع تخوم إسرائيل، فأنجو من يده" (صموئيل الأول 27: 1). فذهب داود وستمئة رجل معه مع عائلاتهم إلى جت واستقروا هناك، فتوقف شاول عن مطاردته. ثم طلب داود من الملك أن يُعطيه مدينة في الريف بدلاً من العيش في المدينة الملكية. فأعطاه الملك مدينة صقلغ، التي أصبحت مقرًا لداود لحوالي عام ونصف، حيث كان يغير على أراضٍ كنعانية أخرى. وكان داود يُوهم الملك بأنه يهاجم مدن بني إسرائيل، مما أكسبه ثقته (صموئيل الأول 27: 8–12). وتُذكر جت أيضًا بأنها موطن فرقة من الجتيين الموالين لداود في نهاية حياته (صموئيل الثاني 15: 18).
وتنعكس علاقة داود بجت في كلماته في صموئيل الثاني 1: 20، بعد أن علم بموت الملك شاول وابنه يوناثان في المعركة، إذ صرخ قائلاً: "لا تخبروا في جت"، لأنه لم يُرد أن يحتفل الفلسطينيون بهذه المأساة. فعلى الرغم من عداء شاول لداود، فإن داود كان لا يزال يحترمه باعتباره مسيح الرب (صموئيل الأول 24: 5–7؛ 26: 8–11). وقال: "يا بنات إسرائيل، ابكين شاول الذي ألبسكنّ قرمزًا بالتنعم وجعل حلي الذهب على ملابسكنّ" (صموئيل الثاني 1: 24). وناح داود أيضًا على يوناثان قائلاً: "قد تضايقتُ عليكَ يا أخي يوناثان. كنتَ حلوًا لي جدًا" (صموئيل الثاني 1: 26). فلم يكن موت شاول ويوناثان مناسبة للفرح، بل للحزن. ولم يكن هذا خبرًا يُذاع، "لئلا تفرح بنات الفلسطينيين، لئلا تشمت بنات الغلف" (صموئيل الثاني 1: 20).
وتُعبّر عبارة داود "لا تخبروا في جت" (صموئيل الثاني 1: 20) عن رغبته في إكرام الرب وشعبه، لا إذلالهم. ويجب على المسيحيين أن يأخذوا هذا المبدأ على محمل الجد، وأن يسعوا دائمًا إلى تمجيد الرب (1 كورنثوس 10: 31).
ورغم أن جت كانت ملجأً آمنًا نسبيًا لداود في أوقات الشدة، إلا أنها في النهاية كانت أرض عدو. فمدينة جت وعبادتها الوثنية كانت تمثل كل ما يتعارض مع أمة إسرائيل، تمامًا كما يُقدم الكتاب المقدس هذا العالم كنظام معادٍ لمشيئة الله لشعبه (1 يوحنا 2: 15–17). فالأرض هي موطننا المؤقت، لكننا مدعوون لنعيش فيها كغرباء وسفراء، دون أن نشارك في شرور العالم، مع إدراكنا أن جنسيتنا الحقيقية هي في السماء (فيلبي 3: 20). وطوال الوقت، ندعو الآخرين للانضمام إلينا في السماء من خلال الإيمان بيسوع المسيح (متى 28: 19–20؛ 2 كورنثوس 5: 16–21؛ 1 بطرس 3: 14–17؛ يوحنا 3: 16–18).
English
ما هي أهمية مدينة جت في الكتاب المقدس؟