السؤال
كيف ينبغي أن يستجيب الآباء المسيحيون لولادة طفل مصاب بمتلازمة داون؟
الجواب
إذا أظهر اختبار أُجري خلال الثلث الأول من الحمل أن الجنين مصاب بمتلازمة داون (أو بأي عيب خلقي أو إعاقة أخرى)، فهناك في الأساس نوعان من الاستجابة التي قد يواجهها الوالدان. الأول هو أن ينظروا إلى الطفل على أنه ذو قيمة جوهرية وفرد ينبغي أن يُحتفى به ويُرعى ويُحمى. أما الثاني، فهو إجراء نوع من تحليل الفوائد والتكاليف لتحديد ما إذا كانت "نوعية الحياة" التي يمكن أن يُتوقع أن يحظى بها الطفل ستفوق المصاعب التي قد يواجهها الطفل ووالداه. وإذا ما تبيّن أن المصاعب المتوقعة تفوق الفوائد، فقد يتخذ بعض الآباء قرارًا بإنهاء الحمل عن طريق الإجهاض. أما الاستجابة الأولى، فهي التي يوصي بها الكتاب المقدس، لأن كل جنين (وكذلك كل إنسان بغض النظر عن العمر أو العِرق أو الجنس أو القدرات الذهنية أو الجسدية) هو ذو قيمة لأنه مخلوق على صورة الله (تكوين 1: 28).
وقد سُمّيت متلازمة داون نسبة إلى الطبيب جون لانغدون داون، الذي نشر أول ورقة علمية تصف الحالة في عام 1862. وقد وصفها في ذلك الوقت بأنها "غباء منغولي"، لأن المظهر الجسدي النمطي ذكره بسكان منغوليا. لاحقًا، أطلقت منظمة الصحة العالمية على الحالة اسم "متلازمة داون"، وهو الاسم المعتمد اليوم. لم تكن كلمة "غباء" في ذلك الزمان تحمل الدلالة المهينة التي تحملها الآن، بل كانت مصطلحًا طبيًا مقبولًا استُبدل لاحقًا بـ"تأخر عقلي"، والذي يعتبر اليوم أيضًا مصطلحًا مهينًا. والمصطلح الطبي المعتمد حاليًا هو "إعاقة ذهنية". وفي زمن كان الفكر التطوري يزداد شيوعًا، افترض الدكتور داون أن الحالة تمثل تراجعًا إلى مرحلة سابقة من التطور البشري.
ونحن نعلم اليوم أن متلازمة داون تنجم عن وجود نسخة إضافية من الكروموسوم رقم 21. فعادةً ما يساهم كل من الوالدين بنصف المادة الوراثية الموجودة في كل من الكروموسومات الـ23 الموجودة في كل خلية من خلايا الجسم. ولكن في حالة متلازمة داون، يساهم أحد الوالدين بأكثر من النصف المعتاد، مما يؤدي إلى تغيير في كيفية تطور دماغ الطفل وجسمه. وغالبًا ما يكون من الممكن التعرف على من لديهم متلازمة داون من خلال مظهرهم الخارجي. ووفقًا لموقع مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن واحدًا من كل 700 طفل، أو نحو 6000 طفل سنويًا في الولايات المتحدة، يولدون وهم مصابون بمتلازمة داون.
وعلى عكس الدكتور داون الذي اعتبر أن المصابين بمتلازمة داون يمثلون "تراجعًا" على سلم التطور، فإن المسيحيين الذين ينظرون للعالم من منظور كتابي يعترفون بأنهم بشر ذو قيمة خُلِقوا على صورة الله. ورغم أن من لديهم متلازمة داون قد يعانون في كثير من الأحيان من قدرات جسدية وذهنية منخفضة، إلا أن قيمتهم الجوهرية لا تُبنى على تلك القدرات - تمامًا كما أن قيمة أي إنسان لا تعتمد على قدراته.
ينبغي على الآباء المسيحيين الذين وُهبوا طفلًا مصابًا بمتلازمة داون أن يُدركوا أن هذا الطفل عطية من الله، وأنه لا توجد صدفة مع الله. صحيح أن جميع الأمراض والعيوب الوراثية و"المتلازمات" هي من نتائج الخطية عمومًا، لكن لا يوجد ما يبرر الظن بأن طفلًا مصابًا بمتلازمة داون هو عقاب على خطية ارتكبها والداه. فقد تساءل التلاميذ عن خطية من كانت السبب في ولادة رجل أعمى، ولكن يسوع صحح لهم تفكيرهم: "لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه" (يوحنا 9: 3). وإذا ائتمن الله والدين مسيحيين على تربية طفل لديه إعاقة من أي نوع، فإنهما يستطيعان أن يثقا أن لله قصدًا من ذلك، وأنه سيمكّنهما بنعمته من الاستجابة بمحبة وإكرام لاسمه.
وعندما اعترض موسى على دعوة الله له لأنه غير كفؤ بسبب عجزه، أجابه الرب قائلاً: "من صنع للإنسان فمًا؟ أو من يصنع أخرس أو أصم أو بصيرًا أو أعمى؟ أما هو أنا الرب؟" (خروج 4: 11). ويناسب روح هذا النص أن يشمل أي شخص ذي إعاقة، بما في ذلك من لديهم متلازمة داون - فالرب هو خالقهم. وللرب قصد وخطة حتى في الإعاقة. لا توجد صدفة مع الله.
ويمكن أن يكبر الأطفال المصابون بمتلازمة داون ليصبحوا بالغين ذوي وظائف عالية. تروي إحدى الأمهات، وكان طفلها الثاني مصابًا بمتلازمة داون، كيف أنها كانت مثقلة بالأفكار المسبقة والأحكام الجاهزة، ولم تكن على دراية بما يمكن لطفلها أن ينجزه فعلاً (انظر: كارلين ك. ماتسون، "ابني المميز جدًا" في مجلة Focus on the Family، عدد أبريل 1993) . يمكن للأشخاص المصابين بمتلازمة داون أن يتعلموا القراءة، وأن يشغلوا وظائف، وأن يتزوجوا أحيانًا، رغم أنهم قد يحتاجون إلى دعم إضافي. وكغيرهم من الأطفال، يحتاجون إلى المحبة والانضباط والتربية في مخافة الرب.
أما الآباء الذين يعلمون أن طفلهم سيولد بمتلازمة داون، فغالبًا سيحتاجون إلى دعم ومساعدة إضافية. وهناك مساعدات متاحة عبر مجموعة من البرامج الحكومية والمجموعات الداعمة في الولايات المتحدة، كما أنه من المأمول أن تتوفر مساعدة من الأقارب وعائلة الكنيسة أيضًا. وإذا شعرت الأم أو الزوجان بأنهما غير قادرين على توفير ما يلزم لتربية طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، فلا ينبغي أبدًا أن يفكروا في الإجهاض كخيار. فهناك الكثير من الأزواج المسيحيين المستعدين لتبنّي أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير بيوت مستقرة ومليئة بالمحبة لهم.
English
كيف ينبغي أن يستجيب الآباء المسيحيون لولادة طفل مصاب بمتلازمة داون؟