السؤال
ما هي أهمية البحر الميت في الكتاب المقدس؟
الجواب
البحر الميت هو مسطح مائي مالح يقع في الطرف الجنوبي لنهر الأردن. وقد ذُكر في الكتاب المقدس ست عشرة مرة، وكان يُشار إليه غالبًا لتحديد حدود أرض الموعد.
في الكتاب المقدس، يُعرف البحر الميت بعدة أسماء، منها "بحر الملح" (تكوين 14: 3؛ عدد 34: 3، 12؛ تثنية 3: 17؛ يشوع 3: 16؛ 12: 3)، و"بحر العربة" (تثنية 3: 17؛ 4: 49؛ يشوع 3: 16؛ 2 ملوك 14: 25)، و"البحر الشرقي" (حزقيال 47: 18؛ زكريا 14: 8). ودُعي "بحر الملح" لملوحته الشديدة، أما "بحر العربة" فنسبة إلى موقعه في وادي العربة، وهي منطقة قاحلة بحسب المعنى العبري لكلمة "عربة". أما اسم "البحر الشرقي" فنابع من موقع البحر الميت على الحد الشرقي لأرض إسرائيل.
ولا يُذكر البحر الميت كمكان بحد ذاته إلا في تكوين 14: 3، بينما تُستخدم باقي الإشارات له كحد جغرافي. لذا، كان يُنظر إليه أكثر كحد فاصل للأراضي منه كمقصد بحد ذاته. ومع ذلك، فقد وُجدت مستوطنات كتابية بارزة على ضفاف البحر الميت، مثل مسعدة، وعين جدي، وقمران.
يقع البحر الميت على بُعد 16 ميلاً شرق أورشليم. وهو مستطيل الشكل، يبلغ طوله في زمن الكتاب المقدس أكثر من 50 ميلاً من الشمال إلى الجنوب، وعرضه حوالي 11 ميلاً في أوسع نقطة. ويقع في منخفض وادي الأردن، المعروف أيضًا باسم الشق السوري الأفريقي، وهو جزء من أعمق وأطول صدع في قشرة الأرض. ويجلس البحر الميت على أدنى نقطة على سطح الأرض، على عمق حوالي 1300 قدم (400 متر) تحت مستوى سطح البحر.
يتغذى البحر الميت أساسًا من نهر الأردن وبعض الجداول الصغيرة، ويتلقى ما بين ستة إلى سبعة ملايين طن من المياه يوميًا، دون أي منفذ لها إلا التبخر. ويساهم الحر الشديد والجفاف في المنطقة في معدل تبخر مرتفع للغاية. ومع ذلك، لا يرتفع منسوب المياه في البحر الميت أكثر من 10 إلى 15 قدمًا يوميًا.
وتحتوي مياه البحر الميت على نسبة عالية من الأملاح (حوالي 26٪)، مما يجعله أكثر المسطحات المائية ملوحةً في العالم، إذ تبلغ نسبة الملوحة فيه حوالي خمسة أضعاف ملوحة المحيطات (المتوسطة 3.5٪). وبهذه الملوحة الشديدة، لا يمكن لأي كائن بحري أن يعيش فيه.
ورغم عدم قدرته على دعم الحياة، إلا أن البحر الميت كان مصدرًا ثمينًا للتجارة في العصور القديمة، خاصة من خلال إنتاج الملح. كما اشتهر بإنتاج "الزفت" (البيتومين)، وهو منتج طبيعي من البترول يشبه الأسفلت، وكان يُستخدم في العزل المائي. ويقترح بعض المؤرخين أن طموح كليوباترا في السيطرة على منطقة البحر الميت كان بدافع التحكم في تجارة البيتومين.
ويعتقد علماء الآثار الكتابيون أن تدمير سدوم وعمورة في سفر التكوين 18–19 حدث في محيط البحر الميت. ويظن البعض أن المدينتين مدفونتان تحت البحر الميت. وما زال أسلوب تدمير الله لهما محل جدل؛ فالبعض يعتقد أنه ناتج عن ثوران بركاني أو انفجار جيوب من التربة البيتومينية. ويوجد في الزاوية الجنوبية الشرقية للبحر الميت تشكيل صخري ملحي يُعرف اليوم باسم "جبل سدوم". وعلى منحدراته، المكونة من الجبس والملح والحجر الجيري والطباشير، تظهر تكوينات ملحية غريبة تشبه الأعمدة، وغالبًا ما يُشار إليها باسم "امرأة لوط" (انظر تكوين 19: 26).
وعندما هرب داود من الملك شاول، وجد ملاذًا على الشاطئ الغربي للبحر الميت في بلدة عين جدي. وعلى النقيض من طبيعة البحر الميت الخالية من الحياة، تُعد عين جدي واحة تنبض بالحياة، مليئة بالينابيع العذبة، ونخيل التمر، والنباتات العطرية والطبية، والنباتات شبه الاستوائية.
وقد تنبأ النبي حزقيال بزمان تتحول فيه مياه البحر الميت السامة إلى نهر حياة عذب يخرج من عرش الله: "فَتَخْرُجُ إِلَى الْمَنْطَقَةِ الشَّرْقِيَّةِ، وَتَنْزِلُ إِلَى الْعَرَبَةِ، وَتَدْخُلُ الْبَحْرَ. إِلَى الْبَحْرِ الْمَخْرُوجِ تَخْرُجُ، فَتُشْفَى الْمِيَاهُ. وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ حَيَّةٍ تَزْحَفُ، حَيْثُمَا يَأْتِي نَهْرَانِ، تَحْيَا. وَيَكُونُ السَّمَكُ كَثِيرًا جِدًّا، لأَنَّ هذِهِ الْمِيَاهَ تَأْتِي إِلَى هُنَاكَ، فَتُشْفَى، وَيَحْيَا كُلُّ مَا يَأْتِي النَّهْرُ إِلَيْهِ. وَيَكُونُ الصَّيَّادُونَ عَلَيْهِ. مِنْ عَيْنِ جَدْيٍ إِلَى عَيْنِ عَجْلاَيِمَ يَكُونُ بَسْطُ الشِّبَاكِ. تَكُونُ أَسْمَاكُهُمْ عَلَى أَنْوَاعِهَا كَسَمَكِ الْبَحْرِ الْعَظِيمِ، كَثِيرَةً جِدًّا... وَعَلَى النَّهْرِ، عَلَى شَاطِئِهِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ، يَنْبُتُ كُلُّ شَجَرَةٍ لِلطَّعَامِ. لاَ يَذْبُلُ وَرَقُهَا، وَلاَ يَنْقَطِعُ ثَمَرُهَا. كُلَّ شَهْرٍ يُبَكِّرُ، لأَنَّ مِيَاهَهُ تَخْرُجُ مِنَ الْمَقْدِسِ. وَيَكُونُ ثَمَرُهُ لِلأَكْلِ، وَوَرَقُهُ لِلدَّوَاءِ" (حزقيال 47: 8–12).
وفي العصر الحديث، بدأ البحر الميت يتقلص بسبب التبخر السريع الذي يفوق ما يصله من مياه نهر الأردن والجداول الأخرى. وقد فقد في الأربعين عامًا الأخيرة حوالي 30٪ من مساحته، وانقسم إلى حوضين. ويُستخدم الحوض الجنوبي الضحل أساسًا لاستخراج معادن البحر الميت.
English
ما هي أهمية البحر الميت في الكتاب المقدس؟
