السؤال
من هو داريوس في الكتاب المقدس؟
الجواب
هناك ثلاث إشارات إلى ملوك يُدعون "داريوس" في الكتاب المقدس. أولهم من الناحية الزمنية هو داريوس المادي المذكور في سفر دانيال (دانيال 6: 1). حكم هذا الملك لمدة عامين فقط (من 538 إلى 536 قبل الميلاد)، ويشتهر بكونه الحاكم الذي رقّى دانيال إلى منصب رفيع في المملكة، ثم ألقاه في جب الأسود رغم معارضته لذلك في قرارة نفسه. وعندما وجد أن دانيال لم يصب بأذى من الأسود، أصدر داريوس مرسومًا يقول فيه إن "الناس يجب أن يخافوا ويرهبوا إله دانيال، لأنه هو الإله الحي الباقي إلى الأبد، وملكوته لا يُهدم، وسلطانه لا ينتهي أبدًا" (دانيال 6: 1–26). من المحتمل أن دانيال استخدم كلمة "داريوس" (التي تعني "السيد") كلقب للحاكم في بابل، وليس كاسم علم. وتشير دانيال 6: 28 إلى "ملك داريوس وملك كورش الفارسي"، ما يدل على أن داريوس وكورش حكما في نفس الوقت، مما جعل بعض علماء الكتاب المقدس يعتقدون أن داريوس كان نائبًا للملك في بابل عيّنه كورش، ابن أخيه.
أما الملك الثاني المسمى داريوس، فيُذكر في سفر عزرا، وهو معروف أيضًا باسم داريوس الأول أو داريوس الكبير. كان ابن هستاسبس وملكًا على فارس. حكم داريوس الأول من حوالي عام 521 إلى 486 قبل الميلاد. ويُعرض داريوس في سفر عزرا كملك صالح ساعد الإسرائيليين بعدة طرق. ويُذكر هذا الملك نفسه أيضًا في حجاي 1:1 وزكريا 1:1. قبل حكم داريوس، بدأ اليهود العائدون من السبي البابلي في إعادة بناء الهيكل في أورشليم. لكن أعداء إسرائيل فعلوا كل ما في وسعهم لعرقلة هذا العمل، ونجحوا في إيقاف البناء خلال عهدي الملكين أحشويروش وأرتحششتا (عزرا 4: 1–24).
يوجد بعض الجدل بشأن هوية "أحشويروش" أو "زركسيس" المذكور في عزرا 4: 6 والذي حكم قبل داريوس الأول. ويُعتقد أن هذا الملك هو نفسه المعروف تاريخيًا باسم قمبيز الثاني، ابن كورش الكبير. أما "أرتحششتا" في الآية 7، فيُطلق عليه في مصادر تاريخية أخرى اسم "سمرديس" أو "برديا"، وهو ابن آخر لكورش (أو ربما كان مُدّعيًا زائفًا). وقد حكم هذا الملك فقط لمدة سبعة أو ثمانية أشهر. وتُشير نظرية ذات صلة إلى أن عزرا أشار إلى قمبيز باسمه الكلداني (أحشويروش) في الآية 6، ثم باسمه أو لقبه الفارسي (أرتحششتا) في الآية 7. وبهذا، يكون أحشويروش وأرتحششتا شخصًا واحدًا، أي الملك الذي سبق داريوس مباشرة.
عندما أصبح داريوس ملكًا، استؤنف بناء الهيكل في السنة الثانية من حكمه. لكن أعداء اليهود حاولوا مرة أخرى عرقلة العمل. فكتب تَتّنَاي، والي فارس على يهوذا، رسالة إلى داريوس في محاولة لجعله يعارض الإسرائيليين ويوقف البناء. لكن داريوس ردّ بأمره تَتّنَاي وأعوانه بالابتعاد تمامًا عن الموقع وترك شيوخ اليهود يواصلون البناء. بل أكثر من ذلك، أصدر الملك مرسومًا يقضي بأن تُدفع أجور العمال اليهود من خزينة الدولة، وأن يُعطوا كل ما يلزمهم لتقديم المحرقات، وأن أي شخص يحاول تدمير الهيكل أو مخالفة هذا المرسوم يُعلّق على خشبة من بيته، ويُحوَّل بيته إلى كومة من الأنقاض (عزرا 6: 1–12). ومن خلال هذه المراسيم، أظهر داريوس الأول أنه صديق لإسرائيل، وازدهر اليهود في أورشليم خلال فترة حكمه. وقد اكتمل بناء الهيكل في السنة السادسة من حكمه (عزرا 6: 15).
أما الإشارة الثالثة إلى ملك يُدعى داريوس، فتظهر في نحميا 12: 22، حيث يُشار إلى "ملك داريوس الفارسي". وليس من الواضح تمامًا من هو هذا داريوس، لكن أغلب المؤرخين يرون أنه داريوس كودومانوس (336–331 قبل الميلاد)، آخر ملوك الدولة الفارسية، والذي هزمه الإسكندر الأكبر.
English
من هو داريوس في الكتاب المقدس؟