السؤال
ما سبب الاعتداءات الجنسية في الكنيسة الكاثوليكية؟
الجواب
في السنوات الأخيرة، تقدّم المئات، بل الآلاف من الأفراد، بادعاءات تفيد بتعرّضهم لاعتداءات جنسية من قِبل كهنة في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. وقد تم التعرف على عدد كبير من "الكهنة المعتدين على الأطفال". ومما يدعو للأسف أنه بدلًا من تجريد هؤلاء الكهنة من الرتبة الكهنوتية، قامت الكنيسة الكاثوليكية في كثير من الحالات بالتستّر على تلك الجرائم من خلال نقل الكاهن المعتدي إلى رعية أخرى. واستمرّت هذا الفضائح والتستّر في التوسّع حتى وصل إلى أعلى المستويات في الفاتيكان. فما سبب هذه الاعتداءات الجنسية؟ ولماذا يبدو أن ظاهرة الاعتداء على الأطفال منتشرة بين بعض الكهنة الكاثوليك؟
أولًا، يجب أن نوضّح تمامًا، من منظور إيماني إنجيلي بروتستانتي، أن هناك خلافًا عميقًا مع معظم تعاليم وممارسات الكنيسة الكاثوليكية.
ثانيًا، مع وجود مفهوم "كهنوت جميع المؤمنين" وإتمام يسوع المسيح للنظام الكهنوتي والذبائح في العهد القديم، لا يرى الكتاب المقدس أن العهد الجديد يدعو لوجود كهنة بالمعنى الوسيط بين الله والإنسان. فالكاهن بحسب المفهوم الكتابي هو وسيط يقدّم ذبائح عن الناس. ومع كون المسيح هو رئيس كهنتنا الأعظم، أصبح لنا وصول مباشر إلى الله (عبرانيين 4: 14-16)، ولم نعد بحاجة إلى أي وسيط آخر (تيموثاوس الأولى 2: 5).
ثالثًا، من الخطأ أن تُنسب الأفعال الشريرة لبعض الكهنة إلى جميع كهنة الكنيسة الكاثوليكية. فعلى الرغم من الخلاف العقائدي، إلا أن هناك كهنة كاثوليك مخلصين يحبّون الرب يسوع ويخدمون الناس بأمانة، ولا يمكن أن يتورطوا في مثل هذه الأفعال. وعدد الكهنة المعتدين على الأطفال، مهما كان، يظلّ نسبة صغيرة جدًا مقارنةً بالعدد الإجمالي.
لكن، ما هو السبب الأساسي لهذه الاعتداءات الجنسية؟ يرى كثيرون أن فرض العزوبة الإلزامية على الكهنة هو أحد الأسباب الرئيسية. فالعزوبة قد تكون مفيدة للبعض في الخدمة (1 كورنثوس 7: 32-34)، لكنها ليست أمرًا كتابيًا يُفرض على القادة الروحيين. ففي المؤهلات الكتابية للقادة الكنسيين (تيموثاوس الأولى 3: 1-13؛ تيطس 1: 6-9)، يفترض بولس الرسول أن الأسقف أو الشيخ أو الشمّاس يمكن أن يكون متزوجًا وله أولاد. وبالتالي فإن فرض العزوبة على الكهنة يُعدّ أمرًا مضادًا لتعليم الكتاب المقدس.
إن هذا الشرط غير الكتابي بالعزوبة ربما يساهم في الاعتداءات الجنسية، إذ يُجبر رجالًا لم يدعُهم الله للعزوبة على كبح رغباتهم الطبيعية، مما يخلق توترًا وضغطًا نفسيًا. كما أن الكهنوت والعزوبة قد يجذبان أشخاصًا ذوي ميول غير طبيعية يرون في الكهنوت وسيلة للسيطرة على ميولهم، لكنهم يكتشفون أن القوانين الخارجية لا تغيّر القلب، فيسقطون في خطايا جنسية منحرفة مثل الشذوذ أو الاعتداء على الأطفال.
ويزيد الأمر سوءًا تعليم الكنيسة الكاثوليكية بأن "من يصبح كاهنًا يبقى كاهنًا إلى الأبد"، مما جعل هناك تردّدًا في تجريد الكهنة المعتدين من الرتبة الكهنوتية. فعندما يُنقل الكاهن المعتدي إلى رعية أخرى، تتكرر المأساة. كما أن ضعف تطبيق القوانين والتستّر شجّعا بعض المعتدين على الانضمام إلى الكهنوت بحثًا عن سهولة الوصول إلى الأطفال دون رقابة.
ومهما كانت الأسباب، يجب معاقبة كل كاهن ارتكب اعتداءً جنسيًا كما يُعاقب أي مجرم آخر، ويجب محاكمة كل من ساهم بالتستّر أو الإهمال. ولا ينبغي أن يُسمح لأي كاهن سبق أن اعتدى جنسيًا بالعودة إلى القيادة الكنسية، لأنه لا يمكن اعتباره "بلا لوم" (تيموثاوس الأولى 3: 2).
إن فضيحة الكهنة المعتدين على الأطفال في الكنيسة الكاثوليكية مأساة مروّعة. فلا يوجد ما هو أكثر تناقضًا مع رسالة المسيح من أن يسيء الكهنة إلى الأطفال. نسأل الله أن يستخدم هذه الفضيحة ليوقظ الكنيسة إلى وجود المرتدين في صفوفها، ويحثّها على أن تتمسّك بتعاليم الكتاب المقدس في كل ما تؤمن به وتمارسه.
English
ما سبب الاعتداءات الجنسية في الكنيسة الكاثوليكية؟